إخفاق وتعثّر في إدارة العملية الإنتخابية ..بالدليل والحجة والمنطق.. بقلم المستشار ضياء الوكيل

 

حينما احتدم الجدل السياسي حول إجراء أو تأجيل الإنتخابات النيابية في العراق حسمت المفوضية العليا للإنتخابات الأمر وأعربت عن استعدادها الكامل لإجراء الإنتخابات في موعدها المحدد بتاريخ 12 أيار 2018 وهذا ما جرى ..

ولكن هل كانت المفوضية صادقة فعلا ومستعدة لتنفيذ تعهداتها..؟؟ أم أن ذلك القرار سياسي ومتعجل ولا يستند إلى عمق لوجستي وعملياتي يسمح  بإجراء انتخابات ناجحة على مستوى دولة مثل العراق (مساحتها 439000 كم مربع) ولأكثر من 24 مليون ناخب وفي أجواء ملغومة بالتشكيك والإتهامات والأحكام المسبقة..!! وأنا لا أقطع مسبقا بالفشل ولكني أحاول إلفات النظر وتسليط الضوء على مكامن الخلل والإرباك والتعثر التي ظهرت يوم الإنتخاب وكادت تقوض العملية الإنتخابية .. وكالآتي:

  1. لم تستطع المفوضية إكمال تحديث سجل الناخبين وحاولت تجاوز هذه المعضلة بأرشادهم للتصويت بالبطاقة القديمة..!!
  2. أما من تم تحديث سجلاتهم فبعضهم لم يستلم البطاقة الجديدة وكان عذر المفوضية ومكاتبها أنها لا زالت تحت الطبع خارج العراق وبإمكان الناخبين التصويت أيضا بالبطاقة القديمة..!!
  3. ومن أبتلي بضياع بطاقته فعليه تقديم معاملة الإبلاغ وقرار القاضي وغيرها ليتسلم وصلا يستطيع فيه حسب مكاتب المفوضية بالتصويت..!!

فماذا حدث يوم الإنتخابات..؟؟

رفضت الكثير من مراكز ومحطات الإنتخاب قبول البطاقة القديمة سواءا كان الناخب محدثا لسجلاته أم لا أما بالنسبة لأصحاب الوصولات فتلك أوراق لا قيمة لها في مقاييس المفوضية بعدما رفضت التصويت بالبطاقات القديمة..!! وحاولت المفوضية تدارك الأمر في يوم الإنتخاب بعد ورود شكاوى كثيرة وأصدرت توجيهات مستعجلة بقبول التصويت بالبطاقات القديمة والوصولات ولكن بعد فوات الأوان ..!! أي في الوقت الحرج والمتأخر وبعد ضياع الفرصة والحق الانتخابي للناخبين الذين انسحبوا وعادوا أدراجهم أمام هذه الفوضى مما يدل على غياب التخطيط والتعاطي مع المعاضل المحتملة  وهذا يعني أن المفوضية لم تكن مستعدة وغير جاهزة… الإستعداد والجاهزية ليست تصريحات إعلامية إنما قيمة وحسابات وتخطيط وتقدير موقف يحتكم إلى معايير وقدرات ومستلزمات ظهر بالدليل أنها ضعيفة وعاجزة وغير قادرة على مواجهة إستحقاق وطني بضخامة الأنتخابات النيابية  وهنا مكمن الفشل الأول…

أما الإخفاق الثاني فكان في العيوب التي ظهرت في أداء الجهاز الألكتروني والكادر الذي يديره ومنها:

  1. بطأ الجهاز وعدم قدرته على استيعاب متوسط الأعداد من الناخبين فكيف إن كان الزخم كبيرا..؟؟ هذا الموقف أدى الى التكدس بطوابير طويلة دفعت البعض الى الإنسحاب تحت ضغط الإنتظار بدون تصويت..
  2. كثرة الأعطال في الجهاز وفشل الكادر الفني في اصلاحها وعدم وجود بدائل
  3. أين الفنيين الذين أوفدوا خارج العراق للتدريب على هذا الجهاز فقد ظهر العجز والضعف في إدارة الأجهزة الألكترونية عند المراكز الانتخابية
  4. موضوع النازحين كان التحدي الذي كشف الكثير من العيوب في ملف الانتخابات النيابية..

كان بإمكان المفوضية إجراء ممارسة ميدانية تدريبية في أحد مراكزها قبل الانتخابات بوقت مناسب تحاكي فيها انتخابات حقيقية لكشف عيوب هذا الجهاز وقدرته وإمكاناته التقنية وبوجود خبراء من الشركة المصنعة مع تقييم مستوى الأداء والإستعداد لدى الكادر الانتخابي وتلك خطوة عملية لتقدير مستوى الجاهزية في مواجهة الإستحقاق الإنتخابي وعلى ضوئها تتخذ الإجراءات الضرورية لتلافي الإخفاقات بوقت مبكر ولا تترك النهايات سائبة لتجعل من يوم الإنتخابات اختبارا محفوفا بالمخاطر والمجازفة بحق الوطن والمواطن ..

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع العراقية

شاهد أيضاً

حكمتُك يا رب.. بقلم ضياء الوكيل

أعرف أن أولادنا هم أبناءُ الحياةِ وبُنَاتِها، وهم رسائل حيّة نبعثها الى زمنٍ لن نراه، وإن كانوا معنا وهم فتيةٌ وصغار، فلهم حياتهم عندما يكبرون، وإنّها لحكمة عظيمة، وسنّة ما لها تبديل، حكمتك يا رب، وهي رحمة وسكينة..