حكمتُك يا رب.. بقلم ضياء الوكيل

عندما تزورني ابنتي أشعر بسعادة غامرة، وارتياح كبير، ويشرق النور في البيت، وتنهمر الضحكات، ومشاعر الفرح تنثر عطرها في القلوب، وما زلت ألعب مثل الأطفال مع بناتها الصغيرات، وهنّ كالعصافير الهاربة من غصنٍ إلى غصن، يَلْعَبْنَ وَيَضْحَكنَ بكلّ براءة الطفولةِ، ونقائها الأبيض، وتلك حلاوة اللقاء، والبهجة والدواء، لمن ناهز الستين مثلي، وفجأة أسمعها تنادي، هيا يا بنات، الوقت قد فات، وعلينا أن نعود، وما أن تغادرنا حتى يتبخر كل شيء، وكأنها تنتزع روحي حين تذهب، وتغزل الدمعة في عينيّ ثم تبكي، يا رحمة الله في قلبك الأبيض، فرغم هول الداء لا تشكي، وليتك تشكي، كي تستريح،أيها الذائب المتكبر في صمته، هل تذكر شعر( المعلّى)..(وإنّما أولادنا بيننا***أكبادّنا تمشي على الأرض)، نعم أذكر ذلك، وأذكر أيضا رائعة (ابن ابي الصلت) في معنى الأبوّة وحبّ الأبناء..(غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلْتُكَ يافِعاً*** تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ)،وأعرف أن أولادنا هم أبناءُ الحياةِ وبُنَاتِها، وهم رسائل حيّة نبعثها الى زمنٍ لن نراه، وإن كانوا معنا وهم فتيةٌ وصغار، فلهم حياتهم عندما يكبرون، وإنّها لحكمة عظيمة، وسنّة ما لها تبديل، حكمتك يا رب، حكمتُكَ وكفى، وهي رحمةٌ وسكينة، ومتاع إلى حين، وامتحانٌ وَعِبَر، وقد مضى ما مضى من العمر، وشراعكَ تصفرُ في وجههِ الريح، والأمل الجريح، ولم يبقَ إلا الدعاء، ولِمَ لا، فالدعاء بيت الرجاء، وسلاح الأنبياء، فيا ربّ الأرض والسماء، احفظ أولادنا، وبارك لنا فيهم، واجعلهم قرّةَ أعينٍ لنا، ووفقهم لطاعتك، وحفظ كتابك، وزيّن أخلاقهم بالحلم، وأكرمهم بالبرّ والإحسان والتقوى، وجمّلهم بالعفو والعافية، إنّك سميعٌ مجيب، وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربّ العالمين..

شاهد أيضاً

موسقة الشّعر في نشيد كلكامش..بقلم ضياء الوكيل

لقد غزلتم بنور الحرف وألوانه، صورة نابضة بالحياة والنقاء والجمال، وصافحتم حلاوة الصوت الذي لامس شغاف القلب باحساسه ورقّته، فوهبتم للنشيد بعده الإبداعي المعاصر، وعطره الساحر العذب..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.