كامب ديفيد: رداء غاندي

لخميس – 19 رجب 1436 هـ – 07 مايو 2015 مـ الشرق الأوسط رقم العدد [13309]

قال مدير الشؤون العسكرية لكارتر: «أجل، هناك شاليهات على السطح. لكن تحت الأرض هناك مخبأ للسكن في حال حصول حرب نووية. هذا الملجأ يسمى (أورانج واحد). من حوله عدة مصاعد تؤدي إليه. وأحد هذه المصاعد في غرفة نوم الرئيس. لقد أمر أيزنهاور ببناء الملجأ خلال الحرب الباردة. وفي العام 1959 رافق رئيس وزراء بريطانيا هارولد ماكميلان في جولة على الملجأ. وكتب ماكميلان في مذكراته فيما بعد: إنه مقر قيادة رئاسي في حال نشوب حرب ذرية. يضم الملجأ قاعة لـ50 موظفًا، وقاعة أخرى تتسع لـ150 موظفًا دفاعيًا. وقال ماكميلان: هذه القلعة تقع تحت الشاليهات البريئة المنظر. وقد كلف بناؤها 10 ملايين دولار».

بعدما قام كارتر بتفقد كامب ديفيد، توقف عن الحديث عن بيعه. إنه لا يبعد عن البيت الأبيض أكثر من 35 دقيقة في الهليكوبتر، لكنه يبدو كأنه في عالم قصي يبعد آلاف الأميال. وفي هذا الهدوء التام، يُشاهد الرئيس يتنزه مع السيدة الأولى وحيدين بعيدًا عن ضغوط الاستقبال والحفلات الرسمية. وكان كارتر وزوجته يمضيان أوقات الفراغ في صيد السمك في البحيرة التي أخفق روزفلت وتشرشل على الخروج منها بسمكة واحدة.

في هذا المكان «احتجز» كارتر وفده ووفد مصر ووفد إسرائيل. وكان في الوفد المصري نائب رئيس الوزراء الدكتور حسن التهامي، وهو رجل مخابرات سابق صوفي النزعة. وقد أثار حيرة الجميع، بمن فيهم المصريون، عندما كان يروي عن أحلامه وأحاديثه مع الملائكة. وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية بطرس غالي فيما بعد: «لقد خيل إلينا أن به مسًّا». وكان الدكتور التهامي يوزع على أعضاء الوفد المصري العسل الملكي والعنبر في كيس «من أجل تقوية صمودهم وإرادتهم».

كان كارتر مأخوذًا، بوضوح، بشخصية أنور السادات الذي أمضى طفولته بين أكواخ الطوب في ميت أبو الكوم. وقد طلب من الـ«سي آي إيه» أن تضع له تقريرًا عن شخصية الرجل الذي كان جده لأمه، خير الله، أفريقيًا حرر من عبوديته في مصر. وكانت «ست البرين» أم السادات، ابنة محمد الساداتي من زواجه السادس. الزيجات السابقة لم تعطه ولدًا.

مذ كان طفلاً – قال التقرير – أخذ السادات يحلم بدور تاريخي في حياة مصر. وعندما كان في الثانية عشرة، بدأ في تقليد غاندي، بأن خلع بذلته وارتدى ثوبًا، أو شبه ثوب. وظل كذلك إلى أن أقنعه والده بالعودة إلى «الحياة الطبيعية». في كامب ديفيد، بعد عقود، ارتدى السادات ثوب غاندي من جديد.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.