الذكرى  54  لرحيل ناظم الغزالي.. صدى روائعه تتجدد بقلم فائز جواد ( عن جريدة الزمان)

عشاق الطرب الأصيل يستذكرون رحلة أول سفير للأغنية العراقية

مرت هذا االعام الذكرى 54 على رحيل اول سفير للاغنية العراقية الراحل ناظم الغزالي الذي كانت ومازالت اغانيه حاضرة الى يومنا هذا وتهتم بها وسائل الاعلام العربية والمحلية ويستذكرون اعماله ورحلته ببرامج خصصت له واليوم للاسف تمر الذكرى دون استذكار من قبل الدوائر المعنية باستثناء بعض المنظمات المجتمعية وعشاق الاغنية العراقية في وقت يستغرب فيه عشاق الطرب الاصيل من عدم استذكار هذا الفنان العملاق ويتساءلون انه لو كان مصري الجنسية وبهذا الابداع لكانت وسائل الاعلام كافة تحتفل بذكرى رحيله وفاء لما قدمه من فن راق للفن وللاغنية العراقية والعربية ،

 ويتساءلون عن دور المؤسسات والدوائر الموسيقية عن تغييب ذكرى الرواد واستذكرهم بالرغم من ان  دائرة الفنون الموسيقية  دائما كانت السباقة في استذكار اعلام ورواد الموسيقى الاغنية العراقية وتقيم لهم اصابيح واماسي استذكارية الى جانب تكريم ذويه واسستعراض جوانب مهمة من حياتهم الفنية تكريما وتقديرا لما قدموه خلال مسيرتهم التي اتخموها بالاعمال الغزيرة  التي مازالت عالقة باذهان المتلقي الى يومنا  .  واسست الدائرة  فرقة تحمل اسم الغزالي تقدم اعماله وروائعه وهذا اكرر قليل بحق فنان عملاق نتمنى من الحكومة والجهات المعنية ان تهتم وتدعم المهرجانات التي تقام باسمه وباسم كل الرموز والاعلام العراقية في مجالات الفن والثقافة ( الزمان ) ووفاء منها لرموز الابداع تفتح ملفات عن الراحلين من رواد الفن والثقافة تقديرا لجهودهم ةاليوم تستذكلر سفير الاغنية العراقية ناظم الغزالي

حياة الغزالي

الباحث الموسيقي والاستاذ بمعهد الدراسات الموسيقية حيدر الحيدر يستذكر جوانب من حياة الغزالي فيقول ( ناظم الغزالي ولد من عائلة فقيرة اب كادح، وام كفيفة البصر، تكفله عمه وجيرانه اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة ودخل معهد الفنون الجميلة قسم المسرح باشراف الفنان الكبير الراحل حقي الشبلي، الذي احتضنه خلال دراسته في المعهد، لما رأى فيه من قدرة وطاقة في مجال التمثيل. غير ان الفنان ناظم الغزالي لم يستمر في دراسته بمعهد الفنون، وذلك لضيق ـذات اليد  فطرق باب الوظيفة وعين مراقبا في مشروع الطحين بأمانة العاصمة في اوائل الاربعينيات).

فنون الغناء

ويضيف (كان ناظم الغزالي مستمعا جيدا إلى جميع فنون الغناء العربي، ولاسيما في فترة الاربعينات والخمسينات، اذ كانت هذه السنوات زاخرة بالاصوات والاغاني العربية الجميلة لكبار المطربين والمطربات امثال سيدة الغناء العربي أم كلثوم والموسيقار محمد عبدالوهاب والموسيقار فريد الاطرش والمطربة اسمهان والمطربة ليلى مراد والمطربة نجاة علي.. وغيرهم وحين عاد ناظم الغزالي إلى معهد الفنون الجميلة لاكمال دراسته اخذ بيده ثانية عميد المسرح العراقي حقي الشبلي، الذي ضمه إلى فرقة (الزبانية) للتمثيل واشركه في المسرحيات الدرامية والكوميدية، ومنها مسرحية (مجنون ليلى) لأمير الشعراء احمد شوقي. وقد لحن له حقي الشبلي اول اغنية، وهي عبارة عن مقطوعة يؤديها في المسرحية بعنوان (هلا هلا)، وهي من مقام الهزام. لم يستمر ناظم الغزالي في مسيرته المسرحية مع فرقة الزبانية طويلا، اذ سرعان ما غير شراع سفينته لترسو في ميناء الغناء وبعد اغنيته الأولى (هلا هلا) التي دخل بها إلى الاذاعة، اردفها باغنية ثانية لحنها له الفنان وديع خونده، كان لها الصدى الجميل كسابقتها، ويقول مطلعها: وين الكه الراح مني وأنا المضيع ذهب… راحت السله من إيدي وراح وياها العنب… ومن خلال هاتين الاغنيتين الجميلتين سلطت اضواء الشهرة على المطرب ناظم الغزالي وبين عامي 1947 ـ ــ 1948 دخل ضمن اعضاء فرقة الموشحات التي يديرها ويشرف عليها الموسيقار الشيخ علي الدرويش والتي تضم بعض المطربات والمطربين. وفي صيف عام 1948 كانت أول سفرة لناظم الغزالي خارج العراق مع الوفد الفني للترفيه عن الجيش العراقي الموجود في أرض فلسطين للدفاع عنها ضد العدو الصهيوني المحتل وكان لهذا المطرب المتألق في فلسطين صدى في دول عربية اخرى مثل سوريا ولبنان وسعت من شهرته ومكانته على الساحة العربية. وعند عودته إلى بغداد ثابر الفنان ناظم الغزالي في تعميق ثقافته الموسيقية بالدراسة تارة والاستماع تارة أخرى وهكذا فتح ناظم الغزالي صفحة جديدة مشرقة في حياته الغنائية فتتلمذ على يد استاذه محمد القبنجي فيما يخص المقام العراقي واصول غنائه وتتلمذ على يد الموسيقار روحي الخماش في دراسة العود، وعلى يد جميل سليم دراسة (الصولفيج) وتعلم النوطة الموسيقية وتدوين ما امكن تدوينه من الاغاني التراثية )

الاوضاع الفنية

الفنان الباحث محمد لقمان اشار الى ان (اغنياته كانت وما تزال تدخل الى النفس وتتغلغل بدون استئذان وكان لاسلوبه المتجدد تأثير كبير في مجال الغناء، فقد احدث تغيراً في الاوضاع الفنية في عصره وقال لـ (الزمان) ان (الحديث عن الراحل الغزالي لابد ان نبداه بمشوار حياته فالغزالي اسمه ناظم احمد الغزالي، وقيل ان اسمه الحقيقي (محمد ناصر الغزالي) وولد في محلة الحيدرخانة ببغداد عام 1921 فقد ولد يتيماً لأم ضريرة فعاش طفولة قاسية وكان الفقر ملازماً له وزاد الفقر حدة بعد وفاة والدته ورعاية خالته له، وبالرغم من ظروفه القاسية فان عزيمته دفعته ليكمل الابتدائية والمتوسطة في مدرسة المأمونية ويلتحق بمعهد الفنون الجميلة قسم المسرح، ثم ترك المسرح واشتغل في مشروع الطحين في امانة العاصمة ثم عاد ثانية الى المعهد لينطلق في رحلة الشهرة)  وعن زواج الغزالي واثره بحياته الفنية يقول لقمان (كان زواج ناظم الغزالي من سليمة مراد عام 1953 وهي من الزيجات المثيرة للجدل فالبعض يقول انها قصة حب ربطت بين الفنانين على الرغم من فارق السن بينهما اذ كانت تكبره باكثر من عشر سنوات.. والبعض يقول ان الغزالي كان بحاجة الى دفعة معنوية في بداية طريقه الى الشهرة كانت عن طريق المطربة المعروفة سليمة مراد وهي التي تلقب بالباشا لأنها كانت مغنية الباشوات وكانت استاذة في فن الغناء تعلم الغزالي على يديها الكثير من المقامات وكانا في كثير من الاحيان يقومان باحياء حفلات مشتركة يؤديان فيها وصلات ثنائية، وفي عام 1958 قاما باحياء حفلات

افاق الشهرة

 غنائية مشتركة في لندن وباريس وبيروت، فتحت آفاق الشهرة امام ناظم الغزالي) واضاف عن ابرز كتّاب الاغنية والملحنين الذين تعامل معهم (من ابرز كتاب الاغنية ممن غنى لهم ناظم الغزالي هو (جبوري النجار) فقد كتب له طالعة من بيت ابوها، ماريده الغلوبي، احبك واحب كلمن يحبك، فوك النخل فوك، يم العيون السود وكل هذه الاغاني لحنها ناظم نعيم وقام بتوزيع جميل بشير الذي يعود له الفضل في انتشارها في البلدان العربية واصبحت سهلة التداول ويعود الفضل في حفظها لشركة جقماقجي) واخيراً يختم لقمان عن نبا وفاته بالقول (كان رحيل الفنان ناظم الغزالي في 23 / تشرين الاول / 1963 ففي الساعة الثالثة ظهراً قطعت اذاعة بغداد ارسالها لتعلن الخبر اما عن رحيله فقد افاق في صبيحة ذلك اليوم وطلب قدحاً من الماء الساخن لحلاقة لحيته، لكنه سقط مغشياً، وبعدها فارق الحياة في الساعة الثالثة بعد الظهر في المستشفى.

 وكان لخبر وفاته وقع مؤلم على عشاق ومحبي الغناء الاصيل، فقد رحل الفنان الكبير ناظم تاركاً ارثاً غنائياً وموسيقياً عراقياً وعربياً يشار له) يشار الى ان الغزالي قد اجهد نفسه فعلاً في عامه الاخير،فقد سافر الى بيروت واقام فيها 35 حفلاً غنائياً وسجل العديد من الاغاني للتلفزيون اللبناني، ثم سافر الى الكويت وسجل قرابة عشرين حفلة بين التلفزيون والحفلات الرسمية، وفي العام نفسه بذل جهداً كبيراً ليتمكن بسرعة ان ينتهي من تصوير دوره في فلم (مرحباً ايها الحب) مع المطربة نجاح سلام وعبد السلام النابلسي وحسن المليجي وجاكلين مونرو،من اخراج : محمد سلمان وغنى اغنية (يا ام العيون السود) بالصاية والجراوية البغدادية الجميلة،ثم قطع جولاته في البلاد العربية وعاد الى العراق ولم يمض على عودته يومان حتى وافته المنية.. وقد شارك تلفزيون بغداد يومها في مراسيم تشييعه ودفنه)

وعن زواجه يقول لقمان (لفرط عشقه لصوت المطربة سليمة مراد التي كانت تمتلك صوتا ساحرا وقابلية هائلة في اداء الاغاني التراثية، اقترن بها الفنان ناظم الغزالي ومن خلال زوجته سليمة مراد استطاع التعرف على الطبقة الارستقراطية في ذلك الوقت وعشاق الحفلات والغناء.. فكان الثنائي الغنائي المحبوب والمتألق دائما في جميع الحفلات العامة والخاصة واصبح بيتها صالونا ادبيا يؤمه الشعراء والادباء والفنانون).

شاهد أيضاً

أول راتب وذكريات لا تنسى.. بقلم ضياء الوكيل

لا يخلو العراق من أهل الخير والضمائر الحيّة (والحظ والبخت)كما يقال، لكنهم كالقابضون على الجمر في زمن الفساد والفتنة..