ليس أردنيا…!!!

 الارهابي محمد يوسف عبد العزيز 1

 ليس أردنيا…

فهد الخيطان    فهد الخيطان

بفارق “الرقم الوطني”، خرج الأردن من دائرة الحرج؛ منفذ هجوم تينيسي الإرهابي محمد يوسف عبدالعزيز، ليس أردنيا. الشاب يحمل جوازا أردنيا مؤقتا، لكنه لا يحمل الجنسية التي لا تكتمل أركانها بغير الرقم الوطني.
لكن سواء كان محمد يحمل الرقم الوطني أم لا، فهو في كل الأحوال أميركي كامل المواصفات؛ غادر الكويت طفلا، وتربى وتعلم في المدارس الأميركية، ثم درس في إحدى جامعاتها، واشتغل في مصانعها. أصيب بالاكتئاب في أميركا، وتعاطى الماريغوانا في أزقتها، وعانى من مشاكل أسرية؛ فتحول إلى شخصية مضطربة، انتهت به إلى التطرف والإرهاب.
تبقى زيارته العام الماضي إلى الأردن محطة فاصلة في حياته، على ما تفيد تحقيقات الـ”إف. بي. آي”. عائلة محمد المتدينة والمصدومة، تقول إنه عاد من زيارته للأردن في وضع نفسي مريح ومستقر. أما أحد أصدقائه المقربين، فيقول إنه عاد رجلا آخر؛ يحمل أفكارا متشددة، وناقما على حكومة بلاده “أميركا” بسبب سياساتها في الشرق الأوسط.
سنحاول هنا أن نصيغ سؤال هجوم تينيسي على نحو يجعلنا أكثر قربا من الحقيقة: ما الذي قاد محمد إلى طريق الإرهاب؛ حياته في أميركا، أم إرثه في المنطقة، وزيارته الأخيرة والطويلة إلى الأردن؟
محمد، وكما تفيد التحقيقات في الحادثة، ليس على ارتباط بجماعة إرهابية منظمة، ولا يوجد أي دليل يربطه بتنظيم “داعش” الذي تبنى عمليات إرهابية كثيرة في أميركا وأوروبا وأستراليا مؤخرا.
ربما يكون محمد مثل المئات من الشبان المسلمين في الغرب الذين تأثروا بخطاب “داعش” الديني والإعلامي، فالتحقوا بصفوف التنظيم، أو بادروا إلى تنفيذ عمليات إرهابية في الدول التي يعيشون فيها.
لكن قبل زيارته للأردن، لم يبدِ محمد أي ميل عدواني تجاه محيطه. نقطة التحول في حياته حدثت بعد زيارته للأردن. هنا على ما يبدو صقلت البيئة شخصيته الهشة، وتغذت بالأفكار المتطرفة والمعادية لأميركا.
هذا الاحتمال هو الذي دفع بالسلطات الأمنية الأردنية إلى فتح تحقيق موسع مع أقارب ومعارف محمد الذين أقام بينهم خلال زيارته، لتتبين ما إذا كان قد التقى بأشخاص محسوبين على الجماعات المتطرفة، وتأثر بأفكارهم.
نتائج هذه التحقيقات لن تكون متاحة من الجانب الأردني. لكن لن يمر وقت طويل قبل أن تكشفها وسائل إعلام أميركية.
ومحمد ليس على قيد الحياة ليروي قصته، لكنها صارت معروفة ويمكن سردها بسهولة، عبر الآلاف من التجارب المماثلة لشبان عرب. فمنذ أن اتخذ الإرهاب طابعا أمميا، لم يعد مهما التوقف عند الكيفية التي أصبح عليها، ما دامت ظروفه وأسبابه معروفة، ومعرّفة.
كان لمحمد، مثل كثيرين غيره، أن يلقى حتفه في تينيسي أو الرقة أو الموصل. وهو مثل شبان ساروا على نفس الطريق في تونس والسعودية وليبيا وسيدني وباريس.
ليس مهما إن كان محمد يحمل الجنسية الأردنية أم الأميركية؛ من أصول فلسطينية أم كويتية. منفذ التفجير الإرهابي الأخير في الكويت لم يكن مواطنا كويتيا، بل كان سعوديا. ومن بين أكثر من 400 شخص اعتقلتهم السعودية قبل أيام بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”، العشرات من الأردنيين والجزائريين، وسواهم من مختلف الجنسيات.
المهم والخطير في آن معا أن كل هؤلاء وأكثر منهم، أصبحوا إرهابيين. وسنرى الآلاف مثلهم يخرجون من بيننا.
نقلا عن الغد الاردنية

شاهد أيضاً

أول راتب وذكريات لا تنسى.. بقلم ضياء الوكيل

لا يخلو العراق من أهل الخير والضمائر الحيّة (والحظ والبخت)كما يقال، لكنهم كالقابضون على الجمر في زمن الفساد والفتنة..