رئاسي كامريكا أو برلماني كانكلترا

 رئاسي كامريكا أو برلماني كانكلترا – مقالات – طارق حرب

طارق حرب

الدعوات التي تتصاعد باعتماد النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني الحالي الذي اظهر تطبيقه ليس عيوبا في جميع مناحي الحياة فقط وانما خطرا حالا وشيكا على وحدة البلاد تستدعي اعتماد نظاما رئاسيا مماثل لما هو موجود في امريكا وروسيا ومصر او نظاما برلمانيا مماثل لما هو موجود في انكلترا وايطاليا اما شكل نظام الحكم الحالي فهو وان كان نيابيا برلمانيا كما حددت ذلك على المادة الاولى من الدستور ولكنه خالف قواعد نظام الحكم البرلماني ذلك انه سلب اهم اختصاص لرئيس الوزراء في النظام البرلماني في سلطته في حل البرلمان كما انه سلب اختصاص رئيس الوزراء بإقالة الوزراء ففي الانظمة البرلمانية سلطة رئيس الوزراء في انهاء عمر البرلمان (الحل) باعتباره سلاحا للسلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية وكذلك في اقالة (طرد) الوزراء كانت مطلقة غير مقيدة وليست متوقفة على شرط في جميع الانظمة البرلمانية في حين ان الدستور العراقي في المادة 64 اشترط موافقة رئيس الجمهورية على قرار رئيس الوزراء في حل البرلمان وهذا يعني ان هذه السلطة كانت لرئيس الجمهورية وليس لرئيس الوزراء كما مقرر في الانظمة البرلمانية والامر ذاته يقال عن سلطة رئيس الوزراء بإقالة الوزراء وطردهم فهي مطلقة غير مقيدة في الانظمة البرلمانية في حين ان المادة 78 من الدستور اشترطت موافقة البرلمان على قرار اقالة الوزير الصادر من رئيس الوزراء وهكذا فقد رئيس الوزراء اهم سلاح وهو الحل للبرلمان والاقالة للوزراء لذلك كان النظام البرلماني طبقا للدستور العراقي شاذا عن الانظمة البرلمانية الاخرى وكان رئيس الوزراء (نمرا بلا اسنان) يضاف الى ذلك توسيع السلطات الاخرى على حساب سلطات رئيس الوزراء في النظام البرلماني كالمادة 80 التي منحت مجلس الوزراء اغلب الصلاحيات التنفيذية والمادة 73 التي منحت رئيس الجمهورية صلاحيات كثيرة تخالف مبدأ ان رئاسة الدولة بالنظام البرلماني رئاسة تشريعية بروتوكولية وكذلك الهيئات المستقلة والتي انفصلت بشكل عام عن الجهاز التنفيذي ممثلا برئيس الوزراء واصبحت سلطات تحت ذريعة الاستقلالية وليست هيئات .

ذلك انها وان كانت مستقلة في الناحية الفنية والمهنية لكن ذلك لا يعني انها سلطة خارج الجهاز التنفيذي للدولة الذي يقوده رئيس الوزراء فهناك فرق بين مصطلح هيئة ومصطلح سلطة واذ اتجهت النية الى اعتماد النظام الرئاسي او تخليص رئيس الوزراء من القيود الواردة سابقا بحيث يكون النظام نظاما برلمانيا خالصا فإن الامر يتطلب تعديل الدستور بتشكيل لجنة في البرلمان وموافقة البرلمان بالاغلبية المطلقة للاعضاء اي موافقة 165 عضو وطرح التعديلات الدستورية على الاستفتاء الشعبي للحصول على اغلبية المصوتين فاذا كان هنالك عشرة ملايين مصوت في انحاء العراق فيجب موافقة اكثر من خمسة ملايين وشريطة عدم رفض التعديلات من ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات فلو كان هنالك ستة مصوتين في ثلاثة محافظات فإن عدم موافقة اربع مصوتين في كل محافظة من المحافظات الثلاث يعني رفض التعديلات على الرغم من موافقة البرلمان وموافقة باقي المحافظات .

ان الظروف الدولية المتمثلة بتأثير بعض الدول على القرار العراقي والظروف الداخلية المتمثلة برغبة البعض من استمرار النظام البرلماني بشكله الحالي لاغراض سياسية او مالية او توافقية فاننا نرى ان الامر يحتاج الى جرأة عظيمة لاجراء التعديلات للصعوبات الكثيرة التي ذكرناها .

 

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.