تركيا وحركة التاريخ …

 تركيا وحركة التاريخ

علي سالم علي سالم

وبخسارة حزب التنمية والعدالة لأغلبيته البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، تنهار أحلام السيد إردوغان في الوصول إلى حكم رئاسي في تركيا يستعيد فيه أمجاد الأجداد ويضمن به بقاء حزبه في الحكم للألف عام القادمة. وهو الحلم القديم الذي حلم به ذات يوم مثقفو النازية. غير أن الرياح في تركيا أتت بما لا تشتهيه سفن السيد إردوغان. غير أني أستطيع تهنئته على شيء واحد، هو أنه أفلت من مصير أصدقائه جماعة الإخوان المصرية، إذ لم يخرج ثلاثون مليونا من الأتراك إلى الشارع يطالبون برحيله ورحيل حزبه. لقد اكتفوا بأن قالوا له في أدب: لم تعد تقف في أول الطابور يا سيدي.. في المرة القادمة.. وربما في أول فرصة سنقول لك مع السلامة.

نعم، لم يعد حزب العدالة والتنمية في تركيا مرشحا للمزيد من القوة والازدهار، ولا أعتقد أن مثقفيه ستواتيهم الجرأة على دراسة الأسباب التي انتهت بهم إلى هذه النهاية الحزينة. وبعيدا عن أفكار المثقفين المصريين الذين يعتقدون أن الكون يتحرك حول مصر، فأنا أفكر في أن موقفه غير المفهوم والرديء سياسيا من مصر، وثيق الصلة بنتيجة الانتخابات التركية. ليس لأن هناك لعنة مصرية حلّت عليه وعلى حزبه، ولكن لأن موقفه العدائي من مصر لصالح جماعة الإخوان المصرية لم يكن مفهوما في مصر ولا في تركيا ولا في أي مكان آخر في العالم.

موقفه تجاه مصر الدولة كان يشعرني بالألم، ويملأني بالشك في صلاحيته كرجل دولة يحكم دولة جارة قوية. ماذا كانت حساباته بالضبط وهو يسقط منها الحكومة المصرية بكل ما تحظى به من تأييد شعبي..؟ ما هو ذلك المستقبل الذي سيساعد جماعة الإخوان المصرية في الوصول إليه؟.. لقد وصلوا إلى الحكم في ظروف عصيبه للغاية، وفشلوا في التحول إلى رجال دولة، ظلوا رجال جماعة يعملون على شيء واحد هو تحويل مصر إلى عضو في الجماعة تمهيدا للوصول إلى هدفهم الكبير وهو أخونة بقية بلاد العالم لكي يحكمها مكتب إرشاد الجماعة.

آخر ما كنت أفكر فيه أن يضحي رجل سياسة تركي بمصالح بلده مع الشعب المصري، ويختار بدلا من ذلك أن يقف مناصرا لجماعة أعلنت الحرب على الشعب المصري. هل كان يتصور أنه قادر على إعادتهم إلى حكم مصر؟ ترى.. أي مصلحة تتحقق لتركيا في ذلك؟

مصر، في كل الأوقات تظل صاحبة مكان ومكانة في المنطقة وكان عليه أن يفكر في ذلك وأن يفكر فيما يمكن أن ينتج من علاقات ودية قوية ومثمرة بين تركيا ومصر حتى في حدها الأدنى وهو السياحة. إذا لم تتعاون تركيا مع مصر في كل المجالات بكل تاريخهما المشترك وبأحلامهما المشتركة في الرقي والتقدم، فمع من ستتعامل ومن ستحالف.. جماعة الإخوان المصرية؟ يا للتعاسة ويا للبؤس..

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.