خطيئة العدوان..بقلم ضياء الوكيل*

استخدام أقصى درجات القوّة في الحرب، يلغي تماما استخدام العقل، وذلك رأي معلم الاستراتيجية الأول (كلاوزفيتز)، فكيف اذا كانت قوّة غاشمة، وبلا عقل، وعديمة الضمير، وفاقدة للشرعية والقانون، عندها ستغيب العدالة، ويسود الظلم، ويكون الحكم للقوّة والعدوان، والهدف هو ما تصل إليه، والنتيجة ما ستنتهي إليه، وذلك ينحدر بالقوّة الغاشمة وأصحابها الى طورٍ غابرٍ من التوحش والإرهاب والجريمة، وهذا التوصف والقياس ينطبق على المشهد الدامي في غزّة، وفي سياقه يصبح ممكنا القاء (قنبلة ذات قدرة تدميرية عالية، وبشحنة متفجرة تصل الى 2500 كغم وتحمل  200 قنبلة صغيرة) لتدمّر قاعة صغيرة تأوي لاجئين عزّل في مخيم النصيرات وتقتلهم جميعا، أو أن تسحق مربعا سكنيا في مخيم جباليا بمن فيه من الأطفال والنساء وتحيله الى ركام، والشواهد كثيرة وموجعة للقلب، وذات الجريمة الوحشية ارتكبت من قبل ضد ملجأ العامرية في بغداد،وقصّته الدامية معروفة، ولم تزل شاخصة آثار الدماء والشهداء والجريمة، نفس الأيادي الآثمة، وذات الوجوه الرجيمة،مع فارق الزمن، وتغيير المكان، فالتاريخ يعيد نفسه، أو يمشي الى الوراء، مع عدوٍّ لا يعرف غير لغة القوّة، وأهداف غير مشروعة يريد فرضها بسلاح أمريكا والغرب، وعند هذه النقطة الفاصلة ستصطدم القوّة الغاشمة بقوانين وحركة التاريخ، وإرادة الشعوب، فالقوّة تستطيع أن تحصد أرواح الأطفال والنساء والمدنيين العزّل، وأن تهدم المدن والأبراج والكنائس والمساجد والمستشفيات، لكنها لا تستطيع أن تنتزع إرادة القتال والحرية من قلوب الناس، وهذه خطيئة القوّة ومعضلتها الأخلاقية المزمنة، أنّها توقظ بنفسها عوامل هدمها واندحارها، فلا سلام مع الظلم، ولا استقرار مع العدوان، فمهما كانت وحشية وبربرية القتله الا أنها لن تنال من ارادة المقاومة، بل ستزيد من ثباتها، والحرب سجال، النصر أو الشهادة، أما استباحة الدماء البريئة للأطفال والنساء فأنّها ستشعل خطوط التماس في جبهات الصراع بين الشرق والغرب، وفي عموم المنطقة، وستوقظ أحقادا قديمة، وانتقاما أقسى، فلكل ظاهرة ظلّ آخر، ولكلّ فعلٍ ردّ فعل، وموروث السياسة العنصرية المنحازة للاحتلال الصهيوني الجائر ستنتهي الى مزيد من الاضطراب والفوضى، ونمو التطرف والكراهية والثأر والأحقاد، وغياب الأمن والاستقرار، ولن يكون الغرب ومصالحه في مأمن من تداعيات ومخاطر هذا الحريق الكبير،{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(س/ يوسف 21)

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام،ووزارة الدفاع والعمليات..

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.