Dead Angles.. بقلم ضياء الوكيل*

لم تعد الفتنة(عود ثقاب) ويرمى بكومة من الحطب اليابس، بل أصبحت تخطيط وهندسة واستثمار في صناعة الفوضى والفساد والحروب، وتستطيع الفتنة أن تخطف الأبصار في شكلها، وتضلل العقول في الجوهر، وأن تحيل ما هو (سراب) في حكم المنطق، الى ما يشبه ( الحقيقة واليقين) في نظر الأغرار والمغفلين، والفتنة لا تعمل في بيئة مستنيرة بالعلم والوعي والتفكير، إنّما تبحث عن وسط يسوده التخلف، وتغلب فيه العاطفة على لغة العقل، وقد تصيب البعض بعمى مؤقت، وقطيعة مع الحقائق، واندفاع نحو المجهول، بحكم الاستدراج المدروس، والاستفزاز المنظّم، وفي زمن الفتن تختفي الحقائق ويصبح التصريح بها.. أو كشفها عملا ثوريا..!! أو ضربا من المخاطرة تحفّه الكثير من المحاذير، وفي زمن الفتنة يقل العمل، ويكثر الجدل، ومن يتحدث بالمنطق والحكمة كمن يرفع أصبعه في وجه الليل، أو يزرع قنديلا في كهفٍ مخيف، فالناس أعداء ما جهلوا، ونشر الحكمة في بيئة مضطربة.. تورث العداوة والبغضاء والإحباط، وفي زمن الفتنة والتردّي تُعالج الأزمات بالشعارات والأوهام، بدلا من التخطيط والبرامج والأرقام، وفي مثل هذه الأجواء الملبدة بكلّ أسباب العجز والفشل والفساد ليس مفاجأ أن نرى انهيار الكهرباء، واضطراب الأسواق والعملة والدولار، وجفاف الأنهار والأهوار، ومن قبلها انهيار القيم، وغياب الضمير، وانتشار الفساد والجراد، وازدياد المتاجرين والمغامرين والأمراء، وقلّة الحكماء والعقلاء، وتكاثر الطواويس والمهراجات، إلا من اعتصم بحبل الله المتين، وأولئك القابضون على الجمر والصبر والحنظل المُرّ، نحتاج الى ضخ جرعات من فضيلة التواضع والاعتدال والصدق ونكران الذات في عروق البعض لكسر الغربة والإحباط واختناق المكان، لست متشائما من غير سبب، ولن اتفاءل قبل الأوان، ولا شيء يدعوني للأمل إلا صبر العراقيين وحبهم للعراق، اللهم جنبنا وبلدنا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن..

حكمة:

يقول المؤرخ البريطاني آريك هوبزباوم: (لا يمكن فهم خراب الأمم إن لم نفهم أوهام قادتها)

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.