أطول يوم في موسكو.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

استطاع الرئيس الروسي احتواء أخطر تمرّد مسلح واجهته روسيا منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، ونجح في تجنب صدامٍ دمويٍ وحتميٍ مع ميليشيا فاغنر، وذلك يحسب له وليس عليه، ورغم قبوله بالتسوية السياسية (الناقصة) إلا أنه لم ولن يغفر لطباخه القديم انسحابه من أرض المعركة في باخموت في وقت كان فيه الجيش الروسي يتصدى لهجوم أوكراني مضاد، ولم يكتفي (بريغوجين) بذلك بل استدار بسلاح مليشياته نحو المقاطعات الروسية مثل (روستوف وفورونيج وغيرها) وهدد بالزحف نحو موسكو أو زحف فعلا.. متوعدا بتعليق خصومه في الساحة الحمراء وفقا لتصريحاته المتواترة في ذلك اليوم الطويل والعصيب على بوتين ونظامه السياسي، لا شك أن تمرّد فاغنر وزعيمها قد ألْحَقَ ضررا فادحا وجسيما بهيبة الكرملين وطعن روسيا وجيشها في الظهر، وذلك يستوجب ردّ الإعتبار للصورة التي اهتزّت في عرش القياصرة، لقد تلقى بوتين صفعة مؤلمة لن تمحو آثارها تراجع فاغنر أو انسحابها وحتّى عودتها لجبهات القتال، فالثقة بهذه الميليشيا ورئيسها قد انتهت مع رفعها السلاح ضد الدولة في زمن الحرب، ولكن (كيف سيرد بوتين ومتى وأين) فذلك يحتكم لعامل الوقت وظروف الحرب والسياسة، ولكنها ليست بعيدة وستجيب الأيام القادمة عن هذا السؤال، ومن يتابع المشهد الروسي سيجد أن الاجراءات قد بدأت بالتصريحات التي تفصل بين فاغنر وقيادتها، ومناقشة مجلس الدوما لقوانين تحكم العلاقة ما بين الدولة والشركات العسكرية الخاصة ضمن رؤية جديدة تأخذ ما حدث درسا وعبرة، صحيح أن صفحة التمرّد العسكري قد انطوت، لكن تداعياتها ما زالت تتفاعل وتلقي بضلالها القاتمة في كل مكان..داخل روسيا وفي جبهات الحرب وقد تمتد الى مديات غير متوقعة، والمثل الفرنسي يقول( غير المتوقع يحدث دائما)..( فوي آخر تحديث للمعلومات وضع الرئيس الروسي في خطاب متلفز.. ميليشيا فاغنر امام ثلاث خيارات وهي: التعاقد مع وزارة الدفاع، أو القاء السلاح والذهاب الى البيوت، أو مغادرة روسيا باتجاه بيلاروسيا، واستثنى من أسماهم خونة الوطن ويقصد الذين شاركوا في التمرّد المسلح)..

Dead Angles:

عندما كتب ميكيافيلي وصاياه الى أمير فلونسا العظيم وجمعها في كتابه(الأمير) حذره من الإعتماد على المرتزقة (لأن ولاءهم غير مضمون وموقفهم متغير، وغير مستعدين للموت في ساحة الحرب).. وهذه المقولة تصلح لأن تكون معادلة من الدرجة الأولى في متون العلوم السياسية، وفي صلب الإستراتيجيات الحديثة..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.