أدب المفاجآت الإستراتيجية، (المنطاد الصيني).. بقلم ضياء الوكيل(تحليل)

لماذا فشلت المخابرات الأمريكية(يوجد لدى الولايات المتحدة 16 جهاز استخبارات ومخابرات معروفة) في اكتشاف (المنطاد الصيني) الذي اخترق أجواء الولايات المتحدة فوق (ولاية مونتانا) التي تضم صوامع الصواريخ النووية الأمريكية، أين كانت أجهزة الرصد والمراقبة الأرضية والجوية والإنذار المبكر من (المنطاد) وهو يقطع آلاف الكيلومترات قبل وصوله إلى الأجواء الأمريكية؟؟ ولا احد يعلم من أين أخترقها.. من (كندا، المكسيك، المحيط الهادي أم الأطلسي)؟؟ الأمر ما زال غامضا، ولكن: هل جازفت الصين بأرسال (منطادها) للتحليق فوق الأراضي الأمريكية؟؟ وهي تعلم أن أمره سينكشف حتما ويتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، أليس لدى الصين أقمار صناعية قادرة على التجسس ونقل الصور والمعلومات إن كان ذلك (هدفها) دون الحاجة الى منطاد بحجم كبير وثقيل وبطيء؟؟ أم أنها تقصدت إهانة السلاح الأمريكي المتطور بخرق أمني كبير وخطير بمنطاد متخلف وبدائي؟؟ هل فعلا ما تدعيه الصين صحيحا بأن الرياح هي من دفعت المنطاد نحو الأراضي الأمريكية؟؟ وإن كان امر كذلك لماذا لم تخبر الأمريكان عن هذا الموضوع تفاديا لأية تداعيات محتملة وتفسيرات ورسائل خاطئة قد يتسبب بها مثل هذا الحادث؟؟ أم أن الصين تعمدت استفزاز الأمريكان وقياس ردود أفعالهم، وذلك مهم جدا في تقييم مواقف الخصوم؟؟ في كل الأحوال فإن قصّة(المنطاد الصيني) تشكل علامة فارقة في تاريخ التنافس والصراع بين القوتين(الصين وأمريكا)، ويمكن إدراجه تحت عنوان (أدب المفاجآت الإستراتيجية) وهو يذكرنا بفشل مماثل للمخابرات الأمريكية في اكتشاف (هجوم بيرل هاربر عام 1941، وحرب تشرين عام 1973، وسقوط الشاه عام 1979، وسقوط الإتحاد السوفييتي عام 1991، وهجمات 11 سبتمر 2001، والأسوأ هو الفشل في توقع وباء كوفيد 19 عام 2019-2020) ونضيف الى القائمة (اختراق هذا المنطاد) ومباغتته للأمريكان بتحليقه فوق رؤوسهم وفي عقر دارهم، لا شك أن هذه الصفعة المهينة للإعتبار الأمريكي ستكون لها آثار محتملة وخطيرة على المسرح الإستراتيجي الدولي، وستجعل من الولايات المتحدة دولة أكثر عدوانية في سلوكها السياسي والعسكري، وستحاول (إعادة الإعتبار لهيبتها والثأر لكرامتها وسلاحها وقوتها) باجراءات قد تكون غير عقلانية، وستشمل أكثر من منطقة، رغم محاولة واشنطن التقليل من قيمة الحدث، إلا أن ذلك لا ينفي أن المفاجأة كانت قاسية والدرس بليغ لأمريكا، وإن جنحت الولايات المتحدة نحو منطق الضغط والقوّة الغاشمة، والعودة الى حروب الظل وموازين الأسلحة والقوى العسكرية، فأن ذلك ليس إلا طريقا وانحطاطا نحو جهنم والخراب..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.