نصرٌ بلا حرب.. بقلم ضياء الوكيل*

الرئيس بوتين لاعب محترف، يتقن اللعب بأوراق (السياسة والسلاح)، تعلّم في (الكي جي بي) كيف يسيطر على أعصابه وهدوئه، ويلبس وجها صارما لا يبوح بنواياه، حتّى إذا ما سنحت الفرصة وجه ضربته التي لا تُرَد، هذا القيصر القادم من أعماق التاريخ أذكى وأدهى من عجائز السياسة في القارة العجوز وأمريكا، يعلم أنهم نصبوا له فخّا في أوكرانيا ولكنه حوله الى قفص لمخاوفهم وخبثهم القديم، لم يتناول الوجبة الأوكرانية الدسمه دفعة واحدة، وفضل التهامها على شكل وجباتٍ ساخنة مع كأس من الفودكا الروسية المعتّقه، يعلم أن أوكرانيا تعاني من أزمة هوية، إلا أنه لن يسمح بتحويلها الى ساحل وساتر لمحاصرة واذلال روسيا وسلاحها،المبارزة الخطيرة بين الغرب وروسيا مفتوحة وستستمر، وخطر المواجهة العسكرية محتمل وكبير، والأزمة تلقي بضلالها القاتمة على أمن واستقرار العالم، وقد ينتقل النزاع الى ساحات أخرى تتواجد عليها القوات الروسية، ولا أستبعد أن تكون سوريا والمنطقة العربية ساحة لتصفية الحسابات إذا استنتج الغرب أن الوقت قد حان لذلك، وفي اعتقادي أن بوتين سيواصل لعبة (البيضة والحجر) حتّى ينتزع اعتراف الغرب وأمريكا بروسيا كقوة عظمى وعامل توازن لحفظ الأمن والسلم الدوليين، أمّا تجاهلها والمساس بأمنها فذلك سيربك الوضع السياسي والأمني في أوربا والمسرح الاستراتيجي الدولي، ليس بالضرورة نشوب الحرب ليتحدد المنتصر من المهزوم، ولكن بامكان روسيا وفقا لمسارات الصراع الحالي والسيناريوهات المتوقعة والمحتملة أن تحقق (نصرا بلا حرب) على المستوى التكتيكي، ولا أحد يستطيع القطع بما سيجري على الصعيد الاستراتيجي، فالأمر أوسع وأشمل من قضية أوكرانيا ودونباس والقرم، الصراع الحالي يلامس بالخطر والضرر التوازنات السياسية السائدة في النظام الدولي، والعالم أمام مشهد تاريخي عاصف، عاد بالعلاقات الدولية الى حقبة السلاح والقوّة والردع العسكري..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع وعمليات بغداد

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.