الوجه الآخر للعملية الأمريكية..بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

مقتل الإرهابي (عبد الله قرداش المكنّى أبو إبراهيم القرشي) رغم أهميته في مسار الحرب على الإرهاب، إلا أنّه ليس معيارا لنجاح العملية العسكرية الأمريكية، لأن الهدف المعلن هو اعتقاله وليس قتله وذلك لم يتحقق، وسقوط مروحية قتالية سواء كان (بعطل ميكانيكي أو بنيران أرضية) غير مقبول ومحصلة سالبة في تقييم العملية، وارتفاع أعداد القتلى من المدنيين دليل على تعاطي مرتبك مع الموقف في مسرح الاشتباك من قبل القوّة المهاجمه، والدليل أن (جون كيربي) المتحدث باسم البنتاغون أشار الى إمكانية المراجعة والنظر في أسباب ارتفاع الخسائر البشرية التي رافقت العملية، وقصّة تفجير(قرداش) لنفسه فذلك آخر ما يفكر به هذا الارهابي، ولكن الامريكان يحبون حياكة الأساطير في هكذا عمليات لمنحها بعدا دراميا يرفع من رصيدها المؤثر لدى المتلقي، ويروج للجندي الأمريكي على أنه بطل خارق وهو ليس كذلك مطلقا، أمّا إضفاء صفات وألقاب على (قرداش) مثل (زعيم تنظيم داعش) فذلك كالنفخ في بالون مثقوب، والإدارة الأمريكية تعلم قبل غيرها أن (قرداش) ليس (زعيما) فهو إرهابي مطارد وهارب من وجه العدالة، ومتنكر بهوية مدنية مزيفه، ولا يهمه سوى النجاة بنفسه من مصيره المحتوم، وهم يعلمون أن (داعش) لم يتبقى منها سوى جيوب وشراذم وعصابات تبحث عن ملاذات آمنة تحميها من ملاحقة أمنية عراقية تقطع الأنفاس، بعد أن أسقط العراقيون بدمائهم وتضحياتهم مشروعهم السياسي والحقوا بهم هزيمة منكرة، أمّا الوجه الآخر والحقيقي للعملية وتوقيتها فهو استعداد مبكر لبايدن وحزبه للانتخابات النصفية القادمة، ومحاولة لاعادة الاعتبار لهيبة القوات الامريكية التي سقطت في انسحابها المهين من أفغانستان، وتكريس وجودها في المنطقة تحت غطاء التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، وتذكرني هذه الغارة بعملية( مخلب النسر) التي نفذتها القوات الخاصة الأمريكية في (شهر نيسان 1980) لانقاذ الرهائن الامريكان المحتجزين في سفارة بلادهم بطهران، وفشلت العملية في حينها وانتهت بمقتل 8 جنود امريكان وتدمير طائرتين هليكوبتر، وخسارة (الرئيس كارتر) في الانتخابات الرئاسية، ستظهر الكثير من الخفايا والأسرار خلال الفترة القادمه، وما يعرض حاليا هو توصيف للحدث بغير حقيقته، وحصر النظر من زوايا تتسم بالخداع العقلي والبصري، وأخطر ما فيها أنها دعاية للقوّة الأمريكية المتراجعة تترافق مع محاولات لنفخ الروح في جسد الارهاب المتعفن وإعادته الى واجهة الأحداث، في جغرافية سياسية مشحونة بكلّ أسباب التوتر ودواعي الانفجار، وما زالت أعواد الكبريت تنتشر في كل مكان الى جانب مخازن البارود، وذلك يستدعي التحسب والحذر..

 

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.