إلى الوراء دُر… بقلم ضياء الوكيل*

بعض الكتل السياسية المتنفذة، ترى أنّ ما حققته من مصالح ومكاسب سياسية وإقتصادية ونفوذ، إنّما هو ((إستحقاق تاريخي)).. من وجهة نظرها، ودون ذلك خطوط حمراء لا يجوز المساس بها، وإنّ أي تغيير للوضع السياسي والمعادلات القائمة سينتهي إلى ما يوصف ( الفوضى، المجهول، المخاض، برزخ الدماء، الحرب الداخلية) وهذه مفردات دخلت الى القاموس السياسي العراقي مؤخرا، وبدأ الحديث عنها في الكواليس، وخرجت إلى العلن تلميحا وتصريحا،وإن على نطاق محدود ، والمتابع يستطيع التقاطها، وفي إعتقادي أنّه تخويف بإفساد اللعب، وتخريب الملعب إن خرج عن قوانين اللعبة المفروضة، وذلك لا يعني أن تلك القوى لا تؤمن ((بالديمقراطية))، ولكنها تريدها وفق مقاساتها وبما يضمن مصالحها وتفوقها في الساحة، وقانون الإنتخابات الذي صدر مؤخرا بعد مخاضٍ عسير، وولادة قيصرية، يؤكد جانبا مما ذكرناه، والإنتخابات لدى بعض القوى السياسية ليست أكثر من ( مفاضلة بين سلع متشابهة)، أو كما يقال في الدارج الشعبي ( تريد أرنب أخذ أرنب، تريد غزال أخذ أرنب)..!! واللعبة تحكمها توازنات القوّة، ومن يمتلك (النفوذ والمال والإعلام والسلاح والسلطة)، ومن غير الممكن في ظل هذه الأجواء الملبدة بالتوتر، أن يبحر زورق صغير إلى جوار سفنٍ كبيرة في أجواء عاصفة، وبحر متلاطم الأمواج، وفي إعتقادي أنّ فرص المنافسة في الإنتخابات غائبة، مع (قانون مثير للجدل، ويكتفه الكثير من الغموض، وعليه الكثير من التحفظات والملاحظات)، واختلال واضح في موازين التنافس المشروع، وقوى تحتكر اوراق اللعب، وتتحكم بقواعد اللعبه خارج السياقات المعتاده، صحيح أنّ التجربة السياسية في العراق لا زالت فتيّة، ولكنّ عقدتها في فقدان الإرادة، وغياب الإستعداد للمراجعة والإصلاح والتغيير، ومواكبة العصر، فالبعض ممن هم في المستوى السياسي المتنفذ يتصوّر أنّ أي تغيير سيكون على حسابه، وذلك تقدير خاطيء، والآخر يريد أن يوقف حركة التاريخ عند نقطة محددة، وذلك مستحيل، ولا عجب أن تظهر على النظام السياسي مظاهر الشيخوخة المبكّرة، والعجز، والجمود، والركود، والفشل، وقصر النظر، لأنها إختارت تجاهل الشروط الموضوعية لبناء الدولة، ولملمة أشلائها، ومعالجة تصدعاتها، وتضميد جراحها، وبدلا من أن تكون الإنتخابات فرصة للخروج من الركام والحريق، وخريطة لبناء مستقبل آمن، أصبحت مشروعا للإنقسام والإختلاف والصراع السياسي على السلطة، ومن إختار القطيعة مع الحقائق على الأرض، فأنّه يراهن على الفشل، ويضع نفسه في مواجهة حركة الطبيعة والزمن، ومن لا يتقدم هو في الحقيقة يتراجع، وإلى حين توفر البيئة المناسبة، فأنّ الإنتخابات بلا ضمانات (خدعة)، والسياسة فولكلور، وإلى الوراء دُر…!!!

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد( 2012-2013)

شاهد أيضاً

Dead Angles.. بقلم ضياء الوكيل*

ندعو السيد رئيس الوزراء والحكومة مع الاحترام.. إلى إعادة النظر في القرار أو إلغائه وفي ذلك مصلحة عامة ستنعكس ايجابا على الأسواق، وعلى حياة المواطن العراقي وظروفه الصعبة، وهو هدف وغاية وأساس التشريعات والقوانين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.