تحليق خارج السرب.. بقلم ضياء الوكيل*

لم تنقطع علاقتي بذوي الشهداء الضباط من أهالي الطارمية الكرام، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على استشهادهم رحمهم الله، ورغم قسوة المصاب والظروف، لم ألمس من ذويهم سوى الولاء للعراق، وحبّهم لأرضهم، وتعاونهم المشهود مع الأجهزة الأمنية، وتصديهم للتطرف والإرهاب، ولا يمكن استغلال حادثة الشهيد العزيز العميد الركن علي حميد الخزرجي (رحمه الله)، لإطلاق صيحات الثأر والإنتقام والعقاب الجماعي، والدعوة إلى تجريف البساتين، وتهجير السكان، حتى قبل بدء التحقيق الأولي، وكشف الملابسات المحيطة بالحادث، فذلك خطأ أفدح من الخطيئة، سيدفع بالأمور نحو مزيد من التوتر والتصعيد والأزمات والنزاعات التي لا تنتهي، والأفضل أمنيا ووطنيا وإنسانيا، هو التركيز على البحث عن القتله وتقديمهم للعدالة، وعن نقاط الضعف في الجهد الاستخباري والأمني التي أدت الى إستشهاد آمر اللواء 59 والعمل على تقويمها، ومراجعة الخطط الأمنية، والمزيد من اليقظة والحذر والإنتباه، وتجنب الغفلة في التعامل مع الواقع الميداني، والدعوة الرشيدة إلى تعزيز العلاقات مع العشائر العربية الكريمة في تلك المنطقة، والإستماع إليهم، وإشراكهم في مهام حفظ الأمن بكل الطرق المتاحة، فذلك مكسب لهم وللدولة والمجتمع، ويضمن الأمن والإستقرار، ويوفر المعلومة الإستخباراتية المطلوبة، ويضع الأمور في سياقها الصحيح، فلا تدسّوا الملح في جرح العراق النازف.. بخطابات غير مسؤولة، ولا تسمحوا للرياح السوداء بالتسلل إلى الخريطة المريضة، المثخة بالإنقسام والفساد والمحن، لا تصرّوا على الرهانات الفاشلة، وتوقفوا عن السباحة في المياه المفخخة، وأوقفوا الإنحدار المريع الذي يجتاح الخرائط والنفوس.. يكفينا فشل، وخراب، وكراهية، واستباحة، ودعونا نعيش بسلام في وطن آمن، فنحن نستحقّ الحياة أسوة بالآخرين من بني البشر..

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وعمليات بغداد(2012-2013)

الشهيد البطل العميد الركن علي حميد الخزرجي
آمر اللواء 59 أستشهد أثناء تأديته الواجب الوطني
في الطارمية

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.