خيوط الوصل،وخطوط الفصل،والشوط الأخير.. بقلم ضياء الوكيل*

عندما يسألك (طبيبا أو أستاذا جامعيا أو صحفيا معروفا أو كاتبا ومؤلفا ومثقفا) وفي أول لقاء معهُ، عن إنتمائك الديني والمذهبي والقومي والعشائري، ليس بقصد التعارف والتقارب والصداقة، إنما بهدف الإصطفاف والتخندق الطائفي والعرقي.. فاعلم أن أهداف الإحتلال والأجندات الطائفية وأصحاب المصالح السياسية قد تحققت، ونجحت في تحطيم وتمزيق النسيج الوطني والإجتماعي العراقي، وسادت نزعة التعصب والطائفية، والإنقسام والإختلاف، ومنطق الطلاق على قيم التعايش والتسامح والوحدة، ورفعت الأعلام الصغيرة على حساب علم الوطن الكبير، والهويات الفرعية بدلا من هوية المواطنة، وأصبح الحاضر والمستقبل مسكونا بالمخاوف والهواجس والمجهول، لا شكّ أن الأزمة قد استحكمت، وتعقّدت وتشابكت خيوط الوصل والفصل فيها، وأن الحلول لم تعد أمنية أو سياسية واقتصادية ولا حتى إجتماعية، بل أنّ العراق الآن أمام منعطف تاريخي ومصيري حاسم، ويحتاج الى حلول تاريخية..!! والزمن جنرال يتحكم بما تبقى من الوقت، وهو ليس بالكثير، والخيارات محدودة، فإمّا إيقاف الإنهيار والتراجع المريع، والقفز من سفن المحاصصة المثقوبة، وترك الوصفات الفاشلة التي لم تعد تصلح في عالم متغير ومتشابك وشديد التعقيد، والخروج من دائرة المخاوف القديمة، وجوع السلطة، وأوهام الزعامة، والإنتقال إلى رحاب الدولة، والإستثمار في الإنسان والعلم والتنمية، وبناء الخدمات والمؤسسات، والإبتكار والتنافس، والإنتماء الى لغة العصر، وفتح النوافذ على القرية الكونية، أمّا الإصرار على الرهانات الخاسرة، فذلك سيحيل العراق الى التقاعد المبكّر ليصبح شيئا من التاريخ، لست متشائما بغير حساب، ولن أتفاءل قبل الأوان، ولا أبني تصوراتي على كثيب من الرمال، ولن أتشبث بالأمل دون سند حقيقي، ولكن تجارب الشعوب، ودروس التاريخ، تروي لنا.. أن الجيوش والأناشيد لا تكفي لحماية الخرائط، وأن الدول التي اهتمت بالتنمية والإنسان وخاضت معركة الإصلاح والتنافس والابتكار أفضل من الدول التي ضيعت العمر في حفر الخنادق وتكديس السلاح، وأنّ الأوطان تغتال من الداخل قبل أن يستبيحها الخارج.. وفي التاريخ الخبرة والعبرة لمن يتدبّر ويعتبر.. ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)*..

*سورة يوسف/الآية(111)

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد ( 2012-2013)

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.