عاصفة التويتر”.. بين الشيخ عبد الله بن زايد والفريق ضاحي خلفان!!؟؟

عن صحيفة رأي اليوم / الأربعاء 13 أيار 2015 / عاصفة التويتر”.. بين الشيخ عبد الله بن زايد والفريق ضاحي خلفان تشكل “سابقة” خليجية تعكس تغييرا في “لغة التخاطب”.. فهل امتصت تغريدات بن زايد “العتب” السعودي؟ واين اخطأ “الخلفان” واين اصاب؟

“عاصفة الحزم” التي شنتها طائرات “التحالف العربي” بقيادة المملكة العربية السعودية على تجمعات قوات الحوثيين، وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن، “فجرت” العديد من الخلافات في منطقة الشرق الاوسط بين مؤيد او معارض لها، ولكن لم يكن من المتوقع ان تصل هذه الخلافات الى البيت الخليجي نفسه، بأي شكل من الاشكال.

من عادة دول الخليج ان تعمل جاهدة على اخفاء خلافاتها، والحيلولة دون وصولها الى الاعلام، ولكن يبدو ان هذه المسألة باتت من الماضي السحيق، في زمن ثورة الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وزحف جيل جديد من القادة والمسؤولين الخليجيين الشبان الذين يختلفون كليا عن أبائهم، بسبب تعليمهم وانفتاحهم على الخارج.

نسوق هذه المقدمة بمناسبة “الحوار” الذي دار في اليومين الماضيين بين الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة، والفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس شرطة دبي على شبكة الانترنت ابرز خلافا بين الاثنين، حول الملف اليمني وحرب “عاصفة الحزم” وشكل سابقة خليجية فريدة من نوعها.

وعندما نقول “سابقة”، فاننا نقصد القول بأن المسؤولين الخليجيين يفضلون تجنب نقل خلافاتهم الى العلن، ومعالجة اي خلاف في وجهات النظر في اطار الغرف المغلقة، فماذا حصل بالضبط، وما الذي ادى الى كسر “محرمات” في هذا المضمار.

القصة بدأت في نشر الفريق خلفان مجموعة من “التغريدات” حول “عاصفة الحزم” على حسابه على “التويتر” المح فيها الى وجهة نظر تبدو مخالفة لموقف دولة الامارات تجاهها، وتغمز في قناة المملكة العربية السعودية، لما تضمنته من بعض النقد، ونوجز هذه التغريدات في النقاط التالية، قبل تحليلها واصدار اي احكام بشأنها:

  • اولا: “تستطيع دول التحالف بما لديها من ألة عسكرية جبارة ان تحتل عدن، ولكن كم سيبقون؟ سنة، سنتين، ثلاثا، في النهاية سينسحبون”؟

  • ثانيا: “امريكا ظلت اكثر من عشر سنوات في وجود بري في افغانستان، وخرجت ولم تحل المشكلة وكذلك في العراق”.

  • ثالثا: “لو كنت انا الذي يدير الحرب اكسب صالح واقلم اظافر الحوثي، واتركه في مهب الريح وانهي الحرب في عشرة ايام”.

  • رابعا: “صوملة اليمن غلط، الحرب كما تريد حزما او عزما، تريد حسما، وتريد عقلاء يملكون ادوات الحسم، وليس من طرف واحد، ولكن من كل الاطراف والا فانها نار الحرب”.

  • خامسا: “الدخول في حروب مع دول فاشلة يقود الى فشل، ولنا عبرة من حروب امريكا في افغانستان والعراق وسورية وغيرها”.

من الوهلة الاولى يمكن التنبؤ بأن هذه التغريدات ستثير غضب القائمين على “عاصفة الحزم” في السعودية، خاصة تلك المتعلقة منها بضرورة التحالف مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، العدو اللدود للقيادة السعودية التي تعتبره انقلب عليها وطعنها في الظهر بتحالفه مع ايران والتيار الحوثي، لان هؤلاء لا يرحبون بأي اجتهاد مخالف لاجتهاداتهم، خاصة اذا جاء من طرف خليجي.

فصدور مثل هذه الاقوال عن رجل مثل الفريق خلفان، رجل الامن القوي في امارة دبي، والذي ما زال يتولى منصبا كبيرا في السلطة، سيثير العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة موقف الامارات من “عاصفة الحزم”، خاصة بعد تردد تقارير اخبارية غير مؤكدة تشير الى علاقاتها القوية مع العقيد احمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق الذي كان يقيم كسفير لبلاده في ابو ظبي، وتحدثت تقارير اخبارية عن ابعاده بعد عزله من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي الناشط على “التويتر” مثل الفريق خلفان (حوالي مليون وسبعمائة الف متابع) سارع الى الرد على نائب رئيس شرطة دبي مخاطبا “لتكن ثقتك في قيادتك التي تشارك القيادة السعودية حزمها واملها، وترفض وضع يدها بيد صالح الذي استرخصت ارواح اليمنيين وغدر بجيرانه”، اي عليك الالتزام بقرارات قيادة بلادك دون نقاش.

وهذا الرد، وفي المكان نفسه، بمثابة صك براءة من “تغريدات” الفريق خلفان، ولكن في شقها المتعلق بالتعاون مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، او هكذا فهمنا في هذه الصحيفة “راي اليوم”.

الفريق خلفان كان دائما، ومنذ ان اعتلى منبر “التويتر”، مثيرا للجدل، ولكن تغريداته كانت تلقى قبولا من السلطات الاماراتية، خاصة عندما كانت تشن حربا شرسة ضد حركة “الاخوان المسلمين” وتجرمهم، وتتنبأ بسقوط حكمهم في مصر ودول عربية اخرى، وهذا ما حدث، ولكن “الاخوان المسلمين شيء و”عاصفة الحزم” والمملكة العربية السعودية شيء آخر، والاخيرة “خط احمر” لا يجب تجاوزه انتقادا، سواء بالتلميح او التصريح.

اللافت ان الرد على الفريق خلفان وتغريداته جاء من قبل الشيخ عبد الله بن زايد، وليس من رئيسه الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي، ونائب رئيس دولة الامارات وزير دفاعها، الامر الذي ربما يعكس تنسيقا متفقا عليه، وجرى ترك الامور لوزير الخارجية للقيام بهذه المهمة، او هكذا نعتقد، الا اذا كانت هناك اعتبارات اخرى غائبة عنا.

ما ورد في تغريدات الفريق خلفان حول ضرورة احداث شرخ في العلاقة بين الرئيس اليمني السابق والحوثيين يبدو نوعا من التفكير السياسي، والافكار الاستراتيجية المطروحة، بل والمتبعة في زمن الحروب (سياسة فرق تسد)، وهناك امثلة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، وطبقتها القيادة السعودية نفسها، في اليمن وغيرها، اما ما ذكره الرجل عن تحذيره من “صوملة” اليمن، وعواقب خوض حروب في دول فاشلة، وضرب مثل بالفشل الامريكي في العراق وافغانستان وسورية فهو صحيح ايضا، ولكن ربما تبدو المشكلة في انه اطلق هذه التغريدات وهو ما زال في السلطة وسببت احراجا بالتالي لحكومته.

الفريق خلفان “اعتذر” بطريقة غير مباشرة عندما قال على حسابه على “التويتر” (مجموع متابعيه 960 الفا) ردا على الشيخ عبد الله بن زايد بأن آراءه تمثله “شخصيا” ولا تمثل دولة الامارات، ولا نعرف ما اذا كان هذا “الاعتذار” قد ادى الى ارضاء الجهات المعنية واغلق الملف ام لا.

ما نعرفه، ومن خلال موقع الفريق خلفان وتغريداته خلال الساعات الماضية، انه يقضي اجازة في اليونان، حيث تغنى بالجزر اليونانية وجمالها، والآثار اليونانية في اثينا، مما يعني انه التزم الصمت، وابتعد عن “عاصفة الحزم” والرئيس صالح معا، وربما تكون هذه الاجازة مفتوحة ريثما تنتهي “العاصفة”، سواء “عاصفة الحزم” او “عاصفة” تغريداته.

“راي اليوم”

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.