لنلتقي وسط الطريق… بقلم ضياء الوكيل*

في اعتقادي أن التجربة السياسية العراقية تراوح عند مفترقِ طرقٍ ومنعطف مصيري خطير يحتكم لقانون التاريخ وحركته الطبيعية ضمن مجال (التغيير،التطور،الصراع)، وإلى سيف الزمن والوقت الذي بدأ ينفذ ويضغط على المشهد المرتبك ليظهر مستوى الحاجة الوطنية إلى مسار سياسي واضح ترسم ملامحه وتوجهاته قدرة القرار السياسي على إحتواء الأزمة المستحكمة والإستفادة من الخبرة والعبرة والدروس الناشئة من حركة الأحداث الجسيمة والتطورات الخطيرة التي شهدها العراق خلال الفترة الماضية.. فأمّا إصلاح الوضع المتردي بالعودة لمنطق الدولة والدستور والقانون وضماناتها وترميم المعادلة الوطنية وما لحق بالنسيج الإجتماعي من أضرار ووضع الأساس لبناء دولة مدنية عصرية متحضرة تنبذ الإرهاب والتطرف والفساد وتؤمن بقيم التسامح والانفتاح والشراكة الحقيقية وتتطلع الى اللحاق بقطار العصر والمستقبل وبكل ما يرفدها من مقومات النهوض والصمود في وجه الزلزال الذي يضرب المنطقة، أو أنها ستهوي بالبلد نحو دولة فاشلة تنوء بأعباء الضعف والانقسام والفساد والتخلف، ويبدو أن ما يجري حاليا من تشبث بالمناصب وصراع سياسي عقيم يثير القلق ولا يبعث على الأمل أو التفاؤل خاصة مع إصرار بعض الأطراف على رهانات أثبتت فشلها في الماضي القريب وهذا يعني أنهم يتجاهلون حكمة التاريخ وقانونه ويقيمون حساباتهم على ما هو ظاهر ويتغافلون عمّا هو كامن وهو الأخطر مما يضع العملية السياسية والدولة العراقية أمام تحديات مصيرية وتاريخية جسيمة .. ومن وجهة نظري أن الدولة وتحدياتها أكبر من أن نحمّلها على كتفِ رجلٍ واحد مهما كانت قيمته وقدراته وذلك أمر بديهي ولكني سأطرح سؤالا مفتاحيا قد يبدو متناغما مع سياق الوصف المذكور إلا أنه ينقضه في شقّه الثاني وأقول إفتراضا: هل يستطيع السيد عادل عبد المهدي لوحده جمع خيوط الحل في نسيج وطني وقرار عراقي مستقل يضمن مصلحة العراق كأسبقية أولى ويلملم شتات وأشلاء الدولة ويعالج تصدعاتها ويضمد جراحها ويعيد بناء مؤسساتها وينأى بها عن فكي التجاذب الأمريكي الإيراني وحرائق المسرح الإقليمي حتى يصبح العراق المتوازن المستقر فيها لاعبا وليس ملعبا..؟؟ الجواب ألخصه بالآتي:

 أن السيد عبد المهدي لا يحمل (عصاة موسى ع) وهو ليس بساحر أو صانع معجزات ولا يستطيع أن ينجز شيئا لوحده بسبب طبيعة النظام السياسي المعقد والموقف مرهون بتعاون الجميع معه وإسناد برنامجه الحكومي والشرط الشارط في هذه المعادلة هو توفر الإرادة والنوايا والمقاصد ضمن هذا السياق لدى الفرقاء السياسيين وأولها أن يلتقي الجميع في رحاب الدولة مع رئيس الوزراء عند منتصف الطريق مع تبني فكرة التنازلات المتبادلة وتفهم مطالب وحاجات كل طرف..، وبخلافه فأن كل ما يجري ليس إلا وصفة ظالمة لتمديد معاناة العراقيين ودليل إفلاس وقحط سياسي سيترك الوضع هشّاً والباب مفتوحا على كل الإحتمالات ويضع العراق دولة وشعبا أمام حائط مسدود ويدفع الجميع نحو هاوية مريعة ليس لها قرار..

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد ( 2012-2013)

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..