لكم بلدانكم.. ولنا العراق… بقلم علي حسين*

منذ الأيام الأولى لهذه الزاوية حاولت مثل أيّ مواطن أن أفهم كيف يفكر السياسي العراقي ، لكنني عجزت .. أحياناً أسمع كلاماً منمقاً عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد . ثم راحت هذه الوعود تتناثر ، ولم أعد أفهم لماذا يصرّ النائب العراقي على الإحتفاظ بجواز سفر دولة آخرى ، و لا لماذا لا تعيش عوائل المسؤولين في العراق. ثم رأينا قادة البلاد يتوزعون على دول الجوار ما بين طهران وأنقرة والرياض والدوحة ودمشق . 
طوال الفترة الماضية، كان أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة ، يُزيدون ويُعيدون في حكاية حبّ الوطن ، والتي رسخها قبل اربعة عشرعاماً المتقاعد الابدي غازي الياور الذي وافق أن يستبدل الرئاسة براتب ملياري ووزيرة متقاعدة وسكن في دبي .
لا أعرف ــ ربما لجهلى المستمر ــ معنى أن يكون وزير أو رئيس وزراء أو عضو برلمان ، او رئيس جمهورية مواطناً لدولة أخرى يحمل جواز سفرها ، يتباهى به في مطارات العالم ، كما لا أستوعب أن يحصل مواطن كندي مثل خضير الربح من الانترنت الخزاعي أو هولندي مثل صلاح عبد الرزاق أو دنماركي مثل علي العلاق أو بريطاني مثل فائق الشيخ علي على تقاعد مجزٍ ومخصصات وهو لايحترم الجنسية العراقية ، وفي أي من البلدان سمعنا أو قرأنا أن رئيس الجمهورية يسكن في بلد آخر ، ويتمنى ان يقضي بقية حياته فيه ، ولعلكم تتذكرون حكاية المستر “بيكر مو الربيعي” وقد كتبتُ هنا قبل أكثر من عام عن واحدة من مفاجآته المثيرة، حين اكتشفنا أن مستشار أمننا الوطني يحمل جواز سفر بريطانياً باسم “بيكر مو” .
إننا أمام عملية فساد منظمة ، أبطالها يستغلون مناصبهم في الإستيلاء على رواتب تقاعدية ومخصصات وامتيازات ليتمتعون بها هم وعوائلهم في بلدان أخرى ، ومن ثم فإن الصمت أمام هذا الطوفان من الخراب يبدو غريبا ومثيرا للأسئلة ، وكان حريّاً برئيس الجمهورية أن يسارع هو إلى التخلي عن جنسيته ، بل كان عليه أن يعلن للرأي العام استقالة أي مسؤول لا يريد التخلي عن جنسيته الآخرى ، ولو نجح فى هذا الاختبار ، كنت سأخرج إلى الشارع على رأس تظاهرة ، تطالب باستمراره رئيساً للجمهورية لدورة قادمة .
أيها السادة عندما يستسهل المسؤول الكبير ، الضحك على مواطنيه ونهب المال العام ، يصبح كل شيء آخر بسيطاً أو مبسطاً. كالسطو على المال العام وبثّ الفساد في مؤسسات الدولة ، والإنصات لأحاديث حمد الموسوي عن النزاهة .

*المقال منشور في جريدة المدى (العدد 4179-بتاريخ 23 نيسان 2018)

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...