شرف التضحية والفداء.. وحضيض الفساد والفضيحة … بقلم المستشار ضياء الوكيل*

المستشار العميد ضياء الوكيل بغداد

قدرة وكفاءة الأداء القتالي وثبات وصمود أبناءنا الأبطال في جبهات الحرب ضد الإرهاب يعتمد في جانب كبير منه على قوة وتماسك واستقرار الجبهة الداخلية التي تعدُّ العمق الحيوي والمعين النفسي الذي يرفد المقاتلين بالمعنويات والمدد الروحي المعزز لإرادة القتال في الميدان ..وهذه علاقة تكافلية محسوبة.. والمقاتل في الميدان هو إنسان في المقام الأول يؤثر ويتأثر بما يدور حوله من أحداث وتطورات…

وما يجري حاليا من خلافات سياسية وتراشق الإتهامات بالفساد وما يرافقها من تحشيد إعلامي وسياسي وعشائري في معركة الإعلام والفنادق والصالات المكيفة يلحق وبشكل غير مباشر ضررا نفسيا ومعنويا جسيما بقطعاتنا المشتبكة مع العدو في معركة الدفاع عن الوطن…

ولو التفت مقاتلونا الشجعان لما يجري في دهاليز الفساد والسياسة وما ينشر من فضائح مخزية لما تحرر شبرٌ واحد من أرضنا الطاهرة.. ولكن ذلك القياس الوطني المُعجِز والمشرّف وإن كسر السياق المألوف في فن ونظريات الحرب لا يجوز أن يستمر لأنّه يستهين بدماء الشهداء الأبرار وتضحيات وبسالة المتصدين لعدوان الدواعش ويؤثر على مجريات الحرب ومسارها المعقّد…

الواجب الوطني والقانوني والأخلاقي يحتم على الجميع مراعاة ظروف البلد ومستوى التحدي الذي يواجهه العراق وعلينا أن نطمئن المقاتلين في الجبهات ونساند جهدهم وجهادهم بالقول والفعل ونعزز ثقتهم بمن يقودهم وأن لا نترك فرصة يتسلل فيها القلق إلى نفوسهم الأبية نتيجة الصراعات الفاسدة والمناكفات السياسية والفضائح التي انتقلت من الخفاء الى العلن دون خوف أو حياء أو خجل خاصة وأن الحديث يدور عن عمل وسمعة المؤسستين العسكرية والأمنية…

إن ما يجري اليوم من تطورات في ملف الفساد والاتهامات عبر وسائل الإعلام ومنابر الفضائيات لا يخدم قضية الوطن والإنسان في العراق ويمنح داعش فرصة لإلتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفها المنكسرة والمهزومة ومعاودة الهجمات على قواتنا البطلة وبالتالي إطالة أمد الحرب ونزيفها الدامي…

بل إنّ هذه الخلافات تفاقم معاناة الفقراء والمظلومين من حرّ الصيف اللاهب وانقطاع الكهرباء وسوء الخدمات وغياب الإصلاح.. لأنها تحرف بوصلة الإهتمام الشعبي وتشتت الرأي العام عن تلك القضايا التي تمس وتلامس نبض الشارع وحياة المواطن وحاجاته الأساسية…  

كنا نتوقع أن الإنتصارات التي حققتها قواتنا الباسلة مسنودة بتشكيلات الحشد الشعبي وتضحيات الشهداء ستدفع القوى السياسية والحزبية وحتى الفاسدين الى التعقل ومراجعة النفس ولكن الذي يحدث هو العكس تماما ويبدو أننا نعيش في وهمٍ كبير…

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع العراقية

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟