الإصلاح .. هذا شرطه الأول… بقلم عدنان حسين

55c6f2a8c461884f318b45c4

الإصلاح .. هذا شرطه الأول… بقلم عدنان حسين
عدنان حسين

كلّ هذه الجعجعة المتصاعد ضجيجها هذه الأيام، لن تُسفر عن طحين أبيض أو أسمر .. إنها مجرد ثرثرة، أو سباق يجري على حافات المضمار وليس داخله، والهدف إلهاء الناس وسرقة المزيد من وقتهم للاستمرار في نهب المزيد من ثرواتهم وحقوقهم.

الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي الذي نحتاج إليه، كيما نخرج مما نحن فيه من مأزق شديد وورطة عسيرة، لن يتحقق بحزمتي الحكومة ومجلس النواب اللتين مضى عليهما أكثر من نصف سنة ولم ينبثق عنهما شيء ذو قيمة … وهذا الإصلاح لن يتحقق أيضاً بالمشروع الأخير المفصّل لمقتدى الصدر ولا بالكلام العمومي المكرر لعمار الحكيم ونوري المالكي وسواهما ممن لا يكلّون ولا يملّون من الإعلان عن تأييد الإصلاح والدعوة لإنجازه سريعاً.
الإصلاح لن يكون لأنّ قاطرته، في كل هذه الحزم والمشاريع والمقترحات، لم توضع على السكة الصحيحة. وسكة الإصلاح الصحيحة هي التي تنطلق من محطة الاعتراف بالخطأ.
الاعتراف المطلوب يتعيّن أن يأتي، في المقام الأول، من التحالف الوطني المهيمن على السلطة والمستحوذ على الثروة العامة منذ 2006 حتى اليوم. التحالف الوطني هو صاحب الكتلة الأكبر المُقرّرة في مجلس النواب (أكثر من نصف مقاعد المجلس)، وهو صاحب النفوذ الطاغي في الحكومة، ففضلاً عن رئاسة مجلس الوزراء وأكثر من نصف المناصب الوزارية، ومعظمها سيادية، فإن وكلاء الوزارات ورؤساء وأعضاء الهيئات “المستقلة” والمؤسسات والمدراء العامين في الدوائر الحكومية وقيادات الجيش والشرطة والأمن والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات، يشكّل عناصر وأتباع القوى والجماعات المنضوية في التحالف الوطني الأغلبية بينهم. وتبعاً لهذا فإن التقصير في عمل الدولة والفشل في إدارتها والفساد المستشري في دوائرها وأجهزتها المدنية والعسكرية، محسوبة في معظمها على التحالف الوطني الذي لم يحقق قصة نجاح واحدة في أي ميدان اقتصادي أو اجتماعي أو إداري أو ثقافي .. وما من شهادة على ما أقول أقوى من الموازنة العامة الخاوية المنهوبة مئات ملياراتها عبر سنوات حكم التحالف الوطني، ومن نظام الخدمات العامة المنهار، ومن بقاء الموصل وسواها تحت الاحتلال الداعشي بعد عشرين شهراً من وقوعه.
اعتراف التحالف الوطني بالفشل شرط لازم، لأنه سيعني أن التحالف سيقتنع بأن الخروج من مأزقنا الشديد وورطتنا العسيرة يتطلب الأخذ بما وقف ضده بضراوة.. أعني إعادة النظر في العملية السياسية وإعادة هيكلة الدولة على نحو يُلغي نظام المحاصصة الذي وضعه هذا التحالف وتمسّك به بكامل أنيابه وأظافره.. واعتراف التحالف الوطني بفشله  سيعني الإفساح في المجال لتشكيل حكومة من العناصر القادرة على إيجاد مخرج من راهن مأزقنا الشديد وورطتنا العسيرة، وهي العناصر النزيهة والكفأة والوطنية التي بدورها ستعهد بالإدارات في وزاراتها إلى العناصر التي على شاكلتها، وهذا ما سيُرغم سائر الكتل والقوى البرلمانية والحكومية المتنفذة على الحذو حذو التحالف الوطني في الاعتراف بأخطائها هي الأخرى، بخلاف ما هو جارٍ الآن، حيث تتنافس كل هذه القوى لتنصيب الوزراء والمدراء والرؤساء والقادة الفاسدين الذين بدورهم يضعون الفاسدين تحت إمرتهم  لتغذية فسادهم وتعظيم مواردهم منه.    
 كيف يتحقق الإصلاح ولم نسمع بعد من التحالف الوطني وسواه كلمة واحدة تعترف بكل هذا الفشل الذريع المتفاقم عاماً بعد آخر؟!

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...