خطايا الآباء.. وثورة الأبناء.. من يضمّد الجراح؟؟ بقلم ضياء الوكيل*

الوطن ليس بضاعة تباع وتشترى، وليس إرثا ينتقل إلينا من الآباء والأجداد، إنما هو أمانة علينا أن نؤديها إلى الأبناء والأحفاد..

ولكن السؤال هنا: أيّةُ أمانة سنؤديها لهم..؟؟ وطنا مثقلا بالديون والفساد والفشل والطائفية، أم دولة مريضة تتحكم بمقدراتها أنانية السياسة وأوهام الزعامة ونوازع الفساد والجوع القديم للسلطة والنفوذ والهيمنة..!! جيل الشباب أدرك بذكائه وفطرته الخام أن الحكومات المتعاقبة بلا برامج وأفكار والأحزاب مشغولة عنه بالمكاسب والمغانم والقبض على السلطة، وأنه محاصر بين ماضٍ لا يريد أن يذهب، وحاضر محفوف بالخيبات والإحباط والمرارة، ومستقبل مجهول لا زال في مرحلة المخاض، جيل الشباب لا يريد أن يقع في خطايا الآباء، ولا يعترف بالخطوط الحمراء التي استسلموا لها، ولا يخشى التهديد، ولا يخاف من الرصاص والقمع، ويتحدى بسلميته السلاح والموت الرخيص، قرأ المشهد جيدا وسئم الإنتظار في محطات الضياع والفشل، خرج متظاهرا ورافضا للواقع السياسي المتردي ومتطلعا إلى الإصلاح وإلى صناعة وبناء غد أفضل يلبي مطالبه المشروعة في العيش الكريم وتحقيق الكرامة الإنسانية ومواكبة التطور الحضاري واللحاق بقطار العصر والمستقبل وهذا من حقه، خرج باحثا عن وطن تحكمه شرعية الدستور والقانون والمؤسسات وتسوده العدالة الإجتماعية بدلا من حكم العوائل والقبائل والفصائل والطوائف والسلاح، جيل يتحاشى السقوط في أفخاخ الفاسدين والسحرة وتجار الطائفية وخداعهم، هذا جيل يعلن عن نفسه.. جيل التعايش والشراكة والتصالح والمواطنة العابرة للعناوين الطائفية والعنصرية.. جيل التقنيات والأرقام والنوافذ المفتوحة على القرية الكونية، قاموسه مختلف ولغته وتطلعاته من زمن آخر، يرفض الأدلجة والقمع والإستبداد ويبحث عن خيمة تأويه وتوفر له الأمن والطمأنينة والحرية والسلام، ولسان حاله يقول نريدُ رغيفا من تنور الوطن وليس من تحت عباءة الأحزاب، إكتشف أن الديمقراطية في العراق فولكلور وقانون الإنتخابات خدعة وليس أكثر من مفاضلة وإختيار بين سلع متشابهة..!! أنه شباب ينشد الإصلاح والتغيير السلمي ولملمة أشلاء الوطن وتضميد جراحه.. إنّه جيل يستحق الحياة والغد الأفضل والمستقبل الكريم، فلا تضيّعوا الفرصة وتغتالوا الأمل.. الوطن حياة حرّة ومستقبل واعد وأمان ورعاية وحماية وعدالة وهوية وبناء وتقدم وإزدهار وذلك مرهون بتحقيق جملة من الخطوات من بينها تبني شريحة الشباب واستيعاب طاقاتهم وتلبية مطالبهم المشروعة وما ينشأ عن هذا التوجه يعدّ مكسبا للعراق واستثمارا وطنيا مربحا.. فالشباب هم الأمل وعليهم ينعقد الرجاء بعد الله في إعادة بناء البلد والدفاع عنه وبخلافه ليس إلا وصفة لاستمرار الفوضى والفساد والإضطراب والإندحار المريع..

يقول جبران خليل جبران( أولادكم أبناء الحياة، والحياة لا تعيش في منازل الأمس، تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم, ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم)..!!

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وعمليات بغداد( 2012-2013)

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..