مشروع الكونغرس .. فتوى أمريكية

 فاتح عبدالسلام / جريدة الزمان البغدادية 

بات من المؤكد الذي دليله في كل مكان أن الأمريكان الذين وقعوا في فخ العراق وحطموا بنيته الداخلية وحلوا جيشه وفككوا مؤسساته بحجة ولائها لشخص واحد،إنما حطموا طموحاتهم نفسها في الأرض التي كانوا يتطلعون اليها لتكون مكاناً مناسباً لاستقرار اقتصادي وسياسي يكفل الاستثمارات الأمريكية النفطية وسواها لعقود مقبلة بما يفتح باباً جديداً في المنطقة غير الباب الخليجي التقليدي.

دائماً هناك درس وثمن باهض للدرس ،وقد دفعت واشنطن فاتورة ثقيلة في احتلالها للعراق وأفاد من الاحتلال الجانب الايراني بكل جوانبه السياسية والعسكرية والاقتصادية وكذلك أفادت الأحزاب والشخصيات التي ما كان لها يوما وزن أو مدى أبعد من الحلقات الطائفية الضيقة التي تحيط بها .

واشنطن صارت الان تتعامل في العراق مع حالة غريبة أكثر مما كان أمامها من وضع شاذ مضطرب في السابق . الآن تتوجه الى المليشيات بالخطاب قبل الحكومة من أجل تسيير شؤون البلاد المفلسة المهددة المستنزفة. وباتت على قناعة بفشل مشروع المصالحة الوطنية ، وان ما جرى هو تسويف من أجل الاستقواء والاستعلاء والاستكبار، ثم هوى كل شيء بدخول تنظيم الدولة الاسلامية الذي أنقذ نظام دمشق من السقوط وحشر المعارضة السورية في زاوية ضيقة، كما حصل مع الحراك الشعبي في العراق الذي لم يتحمل هتافاته الصوتية أحد فتحول الى بندقية ومدفع مضطراً أو مجبراً أو منساقاً.

مشروع الكونغرس الامريكي هو إدانة للعملية السياسية برمتها، كونها فشلت في المصالحة الوطنية التي يفترض أنها تكون نتاج أي نظام وطني. وهذا الفشل يعني عدم وجود هذا النظام الوطني المنشود برغم من وجود نيات وطنية أو مواقف وطنية وربما تصريحات وطنية أحياناً ،لكن ما يجري كان منطلقاً من روح طائفية عبثية بامتياز حطمت العراق ، ولعله يشفق الكونغرس على حال العراق المتداعي بمشروع لا يصدره لخاطر عيون الساسة العراقيين أو الايرانيين الذين خرّبوا بغداد، وإنما لمصالح أمريكية أيضاً ، لكن فيه أوجه إنقاذ لما يمكن إنقاذه من هذه السفينة المتهالكة في البحر العظيم ، وفيه من النفع الذي لم يأت مع ركاب أية حكومة جاءت منذ حكم بريمر.

لا تذهبوا بعيداً في الجعجعة برفض مشروع أمريكي أو مقترح أو قرار ،لقد انتظر العالم كله الداعم لحكوماتكم أملاً أو بصيص أمل في انقاذ العراق وتحويله الى بلد عدالة وقانون من دون جدوى ، واليوم بعد أن تعلم الأمريكان الدرس يأتون بمشروع مهما قيل فيه فهو أفضل من أي منجز في العراق خلال اثنتي عشرة سنة .

الآن تهاجمون الاحتلال الأمريكي ياسدنته ومنظّريه ومروجيه وحماته بالشعارات والفتاوى والخطب والصور التذكارية.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.