لندن «المتنوعة عرقياً» اختارت العمدة المسلم…

صادق خان عمدة لندن الجديد

لندن «المتنوعة عرقياً» اختارت العمدة المسلم…

احتفل حزب العمال البريطاني باستعادته منصب عمدة لندن من حزب المحافظين الحاكم، في انتصار طغى على النتائج المتواضعة التي حققها الحزب في الانتخابات البلدية في إنكلترا وتراجعه إلى المرتبة الثالثة في انتخابات برلمان اسكتلندا. وعلى رغم أن الانتصار الذي حققه صديق خان في لندن كان متوقعاً، إلا أن صداه كان عالمياً، إذ أنه أظهر أن البريطانيين لم يخافوا من انتخاب مسلم ليكون مسؤولاً عن تسيير شؤون عاصمتهم، بما في ذلك ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، على رغم أن حملة المحافظين ركّزت طويلاً على «خطر» وصول خان إلى منصب العمدة بسبب علاقته المزعومة بـ «متشددين إسلاميين».

ورد خان، إبن مهاجرين باكستانيين، على حملة التخويف التي قادها خصمه المحافظ زاك غولدسميث، وقال في خطاب الفوز ليل الجمعة – السبت إن «لندن اختارت الأمل بدلاً من الخوف والوحدة بدل الانقسام»، مشدداً على أن «الخوف لا يؤمن المزيد من الأمن، إنه يجعلنا أضعف، وسياسة الخوف ليست موضع ترحيب في مدينتنا». وكان خان سعى إلى استغلال حملة «الإخافة» منه بإطلاق حملة مضادة تفاخر بدينه الإسلامي، قائلاً إن خلفيته هذه تساعده في «التصدي للمتشددين». لكنه أقر، في المقابل، بأنه أخطأ أحياناً في الظهور كالمدافع عن متشددين مدانين بالإرهاب، خلال عمله في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. كما أقر قادة محافظون بأن حملة غولدسميث، التي شارك فيها رئيس الوزراء ديفيد كامرون، أخطأت في التركيز على «الخوف» من خان، وهي حملة فُسّرت بأن الهدف منها استقطاب أصوات الهنود والسيخ والجاليات الإثنية الأخرى غير المسلمة.

وفي المحصلة النهائية لانتخابات عمدة لندن، فاز خان بـ 65.5 في المئة من أصوات الناخبين (أي 1.3 مليون ناخب)، في مقابل 34.5 لغولدسميث (994 ألفاً). وفُسّر ذلك بأنه يعكس التعددية الإثنية للمجتمع اللندني حيث لم يعد يشكّل البريطانيون البيض سوى 45 في المئة من أفراده. ويُشكّل المسلمون واحداً من بين كل ثمانية من أفراد مجتمع لندن، علماً أن 35 في المئة منهم بريطانيون اكتسبوا الجنسية بعدما وُلدوا في دول أخرى. ويتحدث سكان لندن بـ 300 لغة مختلفة. ويشرف العمدة على موازنة ضخمة تصل إلى 17 بليون جنيه.

ويواجه خان تحدياً لا يُستهان به لتلبية وعوده الانتخابية، مثل تجميد أسعار النقل العام لمدة أربعة أعوام، وضمان بناء ما لا يقل عن 50 ألف منزل جديد سنوياً بأسعار مخفضة لتلبية الطلب المتزايد على البيوت في لندن والتي يقطنها أكثر من 8 ملايين نسمة. كما أنه سيكون تحت «التجربة» إذا حدث أي عمل إرهابي، على غرار هجمات 7 تموز (يوليو) 2005. وليس واضحاً بعد كيف ستكون علاقته مع حكومة المحافظين التي كان ينتمي إليها العمدة السابق بوريس جونسون. وقد يأتي الصدام الأول خلال الصيف المقبل عندما تعلن الحكومة موقفها النهائي من مشروع توسيع مطار هيثرو، علماً أن خان خاض حملته على أساس معارضة توسيعه.

وسيحظى خان، على الأرجح، بدعم شريحة لا بأس بها من أعضاء مجلس بلدية لندن حيث حافظ العمال على مقاعدهم الـ 12 من بين 25، في مقابل 8 مقاعد للمحافظين. ويراقب المجلس البلدي أعمال العمدة الذي يُشرف بدوره على الأمن (الشرطة) والنقل والإسكان والتخطيط والبيئة.

وفي مقابل فوز العمال بعمدة لندن، بدت نتائج حزب العمال باهتة، إذ خسر 23 مقعداً ومجلساً بلدياً واحداً. لكن هذه الخسارة لم تكن بالحجم الذي توقعه خصوم زعيم العمال جيريمي كوربن، ما يعني أن الأخير لن يواجه «انقلاباً» داخلياً كان يجري الحديث عنه من قبل المعترضين على سياساته والذين جادلوا بأن نقله الحزب إلى أقصى اليسار يقضي على فرصه في العودة إلى السلطة عام 2020.

شاهد أيضاً

أول راتب وذكريات لا تنسى.. بقلم ضياء الوكيل

لا يخلو العراق من أهل الخير والضمائر الحيّة (والحظ والبخت)كما يقال، لكنهم كالقابضون على الجمر في زمن الفساد والفتنة..