استطلاع كويتي جديد يكشف الانقسام الطائفي والمخاوف بشأن إيران ( الباحث ديفيد بولوك- معهد واشنطن)

KuwaitGrandMosqueSunniShiiteGuardRTX1IWEE-639x405

استطلاع كويتي جديد يكشف الانقسام الطائفي والمخاوف بشأن إيران ( الباحث ديفيد بولوك- معهد واشنطن)

ديفيد بولوك

يظهر استطلاع تجاري نادر للرأي العام في الكويت أُجري في أيلول/ سبتمبر، وجود انقسامات كبيرة في هذا المجتمع حول الأزمات الكبرى التي تحوم حوله. وقد استند الاستطلاع على مقابلات شخصية أجراها موظفون محليون، مع ضمانات شديدة للسرية، شملت عيّنة وطنية عشوائية مؤلفة من 1000 مواطن من الكويتيين البالغين.

ومن بين كافة الحكومات الملكية في الخليج العربي، تتمتع الكويت بالحياة السياسية الأكثر نشاطاً، وتشمل هذه برلماناً منتخباً نشطاً إلى حد ما ونقاشاً مفتوحاً نسبياً حول القضايا المحلية والإقليمية المثيرة للجدل بين مواطني الإمارة الذين يبلغ عددهم حوالي 1.5 مليون شخص. لذا فإن الرأي العام في هذه الدولة الصغيرة الغنية بالنفط، الواقعة بين إيران والعراق، يتمتع بتأثير أكبر من المعتاد على خيارات سياستها.

وبالنظر إلى نتائج هذه الدراسة، يبدو أن سياسات الكويت تنسجم مع التوجهات الشعبية. كما يبدو أن التأييد واسع النطاق لـ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» غير وارد. وفي الوقت نفسه، يدعم عامة الجمهور الفصائل الإسلامية في الساحتين السورية والفلسطينية، الأمر الذي يساعد على تفسير المساعدات المالية الكبيرة التي تقدمها الكويت في هاتين الساحتين.

والأهم من ذلك كله أن المواطنين الكويتيين والحكومة على حد سواء شديدو الحساسية تجاه المشاكل المحتملة مع إيران، بما فيها انتشار الطائفية في بلادهم. بيد، لا تبرز على الساحة في الوقت الحالي ثقة شعبية أو رسمية بالولايات المتحدة لحماية الكويت من إيران (كما حدث سابقاً مع العراق).

لذا من شبه المؤكد أن تستمر الكويت في تجنب المخاطر والمراهنات السياسية، وهو ميل نجح في الغالب في الماضي، مع استثناء صارخ كمن في الغزو الذي شنه الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 1990. كما يجب على البلاد أن تحافظ على التوازن الدقيق بين جيرانها غير الودودين، وأصدقائها الأجانب غير المؤكدين، والانشقاقات الإسلامية والطائفية الخاصة بها.

الكشف الديموغرافي: الطائفة والشباب والتعليم

من بين النتائج الرئيسية تبرز حقيقة ديموغرافية بسيطة في منطقة من الصعب جداً الحصول فيها على بيانات التعداد الكاملة، وهي أن ربع المواطنين الكويتيين على الأقل، وربما حتى ثلثهم، هم من الشيعة. وفي هذا الاستطلاع، قال 26 في المائة من المستطلعين إنهم من “المسلمين الشيعة”، بينما اعتبر 7 في المائة إضافيين أنهم “مسلمين”، في حين قال أعضاء الغالبية، أي 67 في المائة، إنهم “مسلمين سنة”. وتتوافق هذه النتيجة تقريباً مع التقديرات المعتادة، ولكنها توفر أدلة تجريبية لم يسبق لها مثيل.

ويؤكد الاستطلاع أيضاً أن المجتمع الكويتي شاب بشكل عام، حيث أن 60 في المائة بالكامل من المواطنين البالغين هم تحت سن الخامسة والثلاثين. والأكثر إثارة للدهشة هو أن أقل من النصف (43 في المائة) من جميع البالغين حائزون على ما يعادل الشهادة الثانوية أو شهادة التعليم العالي.

ثلاثة أرباع المستطلعين ينظرون إلى إيران بصورة سلبية، ولا يتوقعون أي تقارب

يقول معظم الكويتيين إن لديهم نظرة إما “سلبية إلى حد ما” (33 في المائة) وإما “سلبية جداً” (41 في المائة) تجاه الحكومة الإيرانية. كما وحظي حليف إيران الإقليمي «حزب الله» على نسب متدنية في الغالب (78 في المائة). إلا أن حوالي ربع المستطلعين في الكويت عبّروا عن رأي إيجابي تجاه كل من إيران و «حزب الله»، وهي نسبة تعكس الانقسام الطائفي تقريباً، كما هي أعلى مما كانت عليه بين كل الجماهير العربية الأخرى التي شملها الاستطلاع باستثناء لبنان. 

ورداً على سؤال حول الاتفاق النووي الأخير مع إيران، رأت الأكثرية من الكويتيين (45 في المائة) أن الصفقة سيئة، مقارنة مع ثلث المستطلعين الذين اعتبروها جيدة، وخمسهم الذين اعترفوا بأنهم “لم يسمعوا أو يقرؤوا عنها بما فيه الكفاية ليحددوا” رأيهم. وفيما يتعلق بالقضية الأوسع نطاقاً المتمثلة بموضوع إيران، توقع مجرد 15 في المائة من المستطلعين حصول تحسن ما في علاقاتها مع العرب على مدى السنوات القليلة المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، حظي خيار “الصراع بين إيران والدول العربية” إلى جانب “الصراع بين الطوائف أو حركات الإسلام” بالمركز الأول من بين ست أولويات محتملة في السياسة الخارجية للحكومة الكويتية، إذ حضل كل واحد منهما على حوالي 20 في المائة.

على سبيل المقارنة، لم يحصل “الصراع في سوريا” سوى على نصف الأصوات التي حصلت عليها أولى أولويات السياسة الخارجية الكويتية الحالية. ومع ذلك فإن ما يقرب من ثلث الجمهور يود أن يرى الكويت توفّر شكل من أشكال الدعم لقوى المعارضة السورية المعادية لإيران – إما الدعم غير العسكري (19 في المائة) أو حتى من خلال التدخل العسكري المباشر (11 في المائة).

تنظر الغالبية أيضاً بصورة سلبية إلى روسيا والولايات المتحدة، فضلاً عن قطر

رداً على سؤال حول وجهة نظرهم من الحكومات المختلفة في ضوء سياساتها في الآونة الأخيرة، أعطى الكويتيون كل من روسيا والولايات المتحدة نتيجة سلبية متطابقة إحصائياً: 76-77 في المائة. لذا فإن تحرير الولايات المتحدة للكويت في عام 1991 والإطاحة بصدام في عام 2003، على الرغم من أنهما يلقيان تقديراً واسع النطاق على الأرجح، إلا أنهما لا يترجمان إلى ثقة في سياسات الولايات المتحدة في الوقت الحالي. وبصورة غير عادية تلقت قطر، حليفة الكويت في «مجلس التعاون الخليجي»، تقييماً سلبياً مماثلاً تقريباً بنسبة 61 في المائة.

ولوضع هذه الأرقام في إطار منظور محدد، حصلت كل من الصين وفرنسا على نسبة أفضل إلى حد ما، في نطاق سلبي ضمن نسبة الـ 55 في المائة تقريباً. وقد حظيت مصر وتركيا بتقييمات إيجابية صافية من أكثرية ضيقة من الجمهور الكويتي.

تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يحظى بشعبية بشكل كبير، لكن الآراء مختلطة حول الإسلاميين المتشددين الآخرين

حظي تنظيم «داعش» المتطرف بشعبية إيجابية في صفوف 3 في المائة فقط من الكويتيين. وفي الواقع، عندما طُلب منهم تحديد أولى وثاني الأولويات بالنسبة للسياسة الخارجية للكويت، أتى خيار “النزاع ضد تنظيم «داعش»” في الصدارة أعلى من أي من الخيارات الخمسة الأخرى المقدمة.

ووسط تناقض حاد، حصلت جماعة «الإخوان المسلمين» على تقييم إيجابي من 31 في المائة من الجمهور الكويتي، بينما حصل فرعها الفلسطيني، أي حركة «حماس»، بنتيجة مواتية بلغت 52 في المائة. أما “السلطة الفلسطينية” في رام الله فكانت نتائجها أقل من ذلك بحصولها على 42 في المائة.

 

ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن ومدير “منتدى فكرة”. وقد تم نشر هذه المقالة في الأصل من على موقع “منتدى فكرة”.

شاهد أيضاً

الثورة التكنولوجية الجديدة… بقلم عبد المنعم سعيد*

ليس صدفة أن شركات مثل «أمازون» أو «تسيلا» لم تعد تكتفي بالكرة الأرضية، فالأولى بدأت السعي لخلق محطة فضائية على سطح القمر، والأخرى بدأت في إنشاء سفن فضاء للسياحة خارج الأرض بين الكواكب..!!