(سيلفي) والزملاء…

سيلفي 2

 (سيلفي) والزملاء

سمير عطا الله 2   سمير عطا الله

 لا يسمح الوقت الضنين، الذي يزداد ضيقًا مع العمر والعمل، بالبحث عن متع أخرى خارج الكتابة والقراءة. لكن هناك أشياء موسمية لا أدعها تفوتني: كأس العالم كل أربع سنوات، وبعض الوثائقيات التاريخية، وبعض الأعمال التلفزيونية في رمضان. ومن هذه ما يحمل اسم ناصر القصبي. وبالنسبة إلي «كغريب» أو «وافد»، فإن القصبي هو ثاني ممثل خليجي أرى نفسي مشدودًا إلى أدائه بعين المعجب العادي والناقد الصحافي. الأول عبد الحسين عبد الرضا، الذي نقل المسرح الكويتي والخليجي من مرحلة إلى مرحلة، وأخرجه من نطاقه المحلّي إلى العربي.

وفي حين يسيطر عبد الرضا على المسرح بحضور طاغٍ، يحرك القصبي الجمهور بنحوله وإيمائياته ومسكنته التي تكاد تلغي ضرورة النص والحوار. أحيانا يبدو وكأنه يصلح للسينما الصامتة، لا حاجة به إلى كلام مرفق، يحرك مشاعر الحضور ويرفع المشاهد عن كرسيه.

هذا الموسم تجاوز القصبي نفسه، عندما سخَّر الموهبة الإيمائية للخلط بين الدراما والكوميديا، المأساة والمهزلة. وكان طبيعيًا أن يثير الجدل من حوله في المسلسل الذي حمل اسمًا هزليًا ناجحًا ومعبرًا عن المرحلة الـ«سيلفي». وفي «الشرق الأوسط» وحدها قرأت ثلاثة آراء متباينة حول المسلسل.

الأول للدكتورة أمل عبد العزيز الهزاني، الأستاذة والناقدة والمفكرة السعودية التي تعنى بمقالاتها وتهتم لوقع هذه المقالات. وهي تلفت إلى شأن بالغ الأهمية؛ دور الفن في التأثير الاجتماعي. المقال الثاني لحمد الماجد، لا يرحب بالمسلسل ويعترض عليه. الثالث للزميل حسين شبكشي.

أثارت الحلقات الأولى من «سيلفي» صخبًا كثيرًا. هذا يؤكد رأي الدكتورة أمل في تأثير الفن، الذي قد يتجاوز تأثير الصحافة، لأن جمهوره أكثر اتساعًا وأكثر تعددًا. إيمائيات شارلي شابلن أيام السينما الصامتة، كانت تحرك عواطف الناس أكثر من أي حوار مباشر. وكما أطلق عبد الحسين عبد الرضا الكوميديا الكويتية خارج الكويت، أسس القصبي للمسرح الكوميدي في بلد غير متوقع على الإطلاق: السعودية.

وقد اقترحت، غير مرة، أن يشارك ناصر في عمل مسرحي مصري، حيث أطل من قبل العراقي الأسطورة نجيب الريحاني، و«الشوام» من صباح إلى سعاد حسني، ومن أنور وجدي إلى عبد السلام النابلسي. فالفن، مثل الأدب والفكر، ليس له وطن واحد ولا لغة واحدة. واللافت أن العامية الخليجية مفهومة لدى البلدان الأخرى، مثل المحكية المصرية.

غير أن الأهم دائمًا هو مستوى العمل. وأعتقد أن نص «سلفي» وإخراجه وإضاءاته والسيناريو وشركاء ناصر في التمثيل، قدموا عملاً فنيًا تعدى التسلية والترفيه. ولا أريد أن أذكر اسم القناة التي قدمته، تضامنًا مع تحفظات حسين شبكشي.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.