خففوا عن الناس أثقالهم، فأنتم لا تعلمون ما خلف الأبواب من أسرار، وما تحت الثياب من هموم ومواجع، واهتموا بالشرائح الأضعف وأصحاب الدخل المحدود، والمستضعفين من المتقاعدين، وبِمَنْ تَعفّف واصطبر، فعندما ينكمش رغيف الخبز، يتضاعف الإحساس بالهوان، ويشتدّ جرح الكرامةِ ألَماً ونزيفا ومرارة، وعندما تغلق الأبواب أمام الناس، ويتراجع الامل، يتقدم اليأس والإحباط والغضب، وتخرج الأشباح من شقوق الحوائط واللهب، ولا نعرف حينها من الحاطب فيها والحطب، لن نراود الحقيقة عن نفسها، ولن نروّض الكلمات كي نجامل، فالحقائق مثل الجياد العصيّة في براري الوطن، فنحن في زمن الأرقام والنوافذ المفتوحة، وفي زمن اللصوص والوجوه المريبة، فالإستغاثة لم تعد مسموعة، ورسائل التنبيه والنصيحة فقدت معناها، وسقطت عند حواجز النفاق، وأنانية السياسة، ومغريات السلطة والطمع، والجوع القديم للجاه والثروة، وتلك طباع سقط عن وجهها القناع..(ومُكلّفُ الأشياء ضد طباعها ***** مُتطلبٌ في الماء جذوة نار)، وقد تكاثرت الطواويس والمهراجات والتكبّر، واستفحل الفساد، وغابت فضيلة التواضع، وقيم المساواة والعدالة، والفئران التي تقرض في قاع السفينة ستغرق الجميع، إن لم يتحرّك أصحاب المصالح ولا أقول العقلاء، وإن كانت البيوت تتآكل وتتداعى من أسقفها وأعمدتها، إلا أنّها لا تنهار إلا من قواعدها، والقواعد والأسس في ذمّة التجاهل والإهمال، والأوطان تغتال من الداخل قبل أن يستبيحها الخارج، حفظ الله العراق وشعبه من عاديات الزمن، وغائلة السوء..
*مستشار وناطق رسمي سابق