خَطرٌ مُحْدِقْ،وتحدياتٍ مصيرية..(تحليل) بقلم ضياء الوكيل*

هل يصنّف(الهجوم الأمريكي المُدان) ضمن( العمليات العسكرية المحدودة) أم أنّ له أهداف تعبوية أوسع..؟؟ هل هو اجراء (تكتيكي) لاعادة ادخال العنصر السياسي في الصراع وصولا الى التهدئة والحل..؟؟ أم أنه مسار استراتيجي له علاقة بتوازنات القوى في المنطقة، وهل له أبعاد سياسية واعلامية اضافة للأهداف العسكرية، وما هي..؟؟ ونجيب على هذه الأسئلة وغيرها عبر التحليل الآتي: (العمليات الجوية أو العسكرية المحدودة) هي طلعات هجومية ذات نسق متقطّع، وزخم ناري منخفض، ونهايات محسوبة ومغلقة، هدفها التأثير على الخصم وليس سحقه، باستخدام آليات ترسم خطوط فاصلة ودقيقة بين حجم القوّة المستعملة والهدف المطلوب تحقيقه، وهي التوصيف العسكري الأقرب لما تعرض له العراق، حتّى وإن تكررت الهجمات وذلك محتمل، فانها تبقى في ذات السياق والمستوى، والهدف المركزي للهجمات الأمريكية هو (تغيير أنماط الصراع القائمة،والعودة لسياسة الردع العسكري)،(وإعادة فرض قواعد الاشتباك، وتفعيل بنودها) التي يعتقد الأمريكان أنها (انْتثهِكًتْ بعد قتل الجنود الثلاثة)، ونستنتج هنا أن الهجوم العسكري الأمريكي (تكتيكي وليس استراتيجي)، لماذا..؟؟ لأنه ) (محدود)، ولا يسعى الى تغيير موازين القوى الاستراتيجية في المنطقة، أما البعد السياسي للاعتداء الأمريكي فانه يحمل رسالة مزدوجة الى (ايران) في بعضها (تحذير) ولكن الأساس فيها هو إعادة ادخال العنصر السياسي في الصراع والتصعيد القائم، واختارت أمريكا (قصف العراق) لايصال رسالتها الى طهران، مستغلة الزوايا الميتة في قوانين اللعبة، وافتقار بعض (اللاعبين) لأوراق الضغط والتأثير الرابحة، وقد يتساءل البعض لماذا لا يقصفون ايران مباشرة ؟؟والجواب أن ايران ترتدي قفازات في صراعها مع أمريكا،وتعتمد نظرية(جيراسيموف) في ادارة اللعبة،(وتلعب سياسة باحتراف)، وأحد أوجه سياستها أنها تعلن ليل نهار وتوثق موقفها السياسي بمذكرات رسمية لمجلس الأمن بأن (ايران ليس لها علاقة بالهجمات على الأمريكان) لتبعد بلدها عن النيران المشتعلة، وتداعيات الزلزال الذي يضرب المنطقة، وذلك يلقى صدى سياسي مرغوب لدى الادارة الامريكية التي تبادلها التصريحات بأن (امريكا لا تريد الحرب مع ايران)، بقي البعد الاعلامي(فانه دعائي ينفخ الروح في النسر الأمريكي العجوز)، أمّا العراق ووفق هذه اللعبة والمشهد المتشابك والمعقد والقاتم فقد صار ملعبا بدلا من أن يكون لاعبا، وتحوّل الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية، اختلطت فيها حروب الداخل والخارج، وأصبح لوحة التصويب لنيران متعددة (أمريكية،ايرانية،تركية) حتّى الكويت تجرأت على حدود وحقوق وكرامة العراق الذي يقف اليوم أمام مفترق طرق حرجة، ويتعرض الى خطر محدق، وتحديات مصيرية قد تعصف بأمنه واستقراره النسبي، وتخرجه من الجغرافية السياسية للمنطقة، إن لم تستعيد السياسة دورها الوطني المسؤول، وتضبط ايقاع الأحداث، فالأوطان قد تغتال من الداخل قبل أن يستبيحها الخارج..

*مستشار وناطق رسمي وعسكري سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع وقيادة العمليات..

 

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.