فرّق تَسُدْ.. بقلم ضياء الوكيل*

تحتاج (نظرية الأمن والتأمين)الى(عدو حقيقي أو وهمي) لإدامة أسباب النزاع والصراع والخلاف والتصدّع والإنقسام في المجتمعات الهشّة، وتأخذ تلك الخلافات أشكالا متعددة بما فيها(الطائفي، القومي، الطبقي، القبلي، الثقافي،الاجتماعي.. وغيرها الكثير)، والهدف إثارة الفوضى، وضرب المخالفين، وتمهيد الأجواء لاستمرار فرض السيطرة والنفوذ والتحكم بالمشهد السياسي والاستراتيجي،وصرف الأنظار والإنتباه عن حقيقة ما يجري من أحداث بعضها قد يكون خطيرا وعاصفا، والتأثير على درجة الوعي والإحساس بها، تحت ضغط الأزمات التي لا تنتهي، وأخطر العداوات والأضرار المترتبة عليها تلك التي تستند الى إثارة النعرات وتغذيتها، وغالبا ما يلجأ أصحاب المصلحة الى تخويف الناس وتذكيرهم بضرورة التشبث بالخصومة مع الآخر، ليتفرغوا لشؤونهم، وتعزيز نفوذهم ومكاسبهم، وحماية مصالحهم.

(فرّق تَسُدْ) شعار قديم بأردية جديدة، والفرق هنا أنه كان تهمة توجه للاستعمار أو هكذا تعلّمنا في المدارس، واليوم تتولاه قوى محلية وتنفذه باحتراف، وكلمة أخيرة أن هذه السياسة أو النظرية تحتاج الى بيئة مناسبة لتطبيقها ومن شروطها أن يسودها الجهل والفقر والتخلّف، وحتى إذا نجحت في تهشيم وتشظية واضعاف الدول والمجتمعات لصالح أجندات مضادة، فذلك مرحلي وليس نهائي، (لأن موهبة وسلطة تسيير التاريخ، والتحكم بالمجتمعات، ما كانت قطّ ملكا لأحد) وتلك نبوءة (ارنست لافيس) التي وردت في كتاب (رصيد التاريخ) للفرنسي (رينيه غروسّه) وقد تحققت في أكثر من مكان، وبعضها كان ولادة على الهواء..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام والدفاع والعمليات

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.