لماذا يستعذب البعض حكّ الجروح، ورشّ الملح عليها،وتحميل النفوسِ ما لا تطيق؟؟ لماذا يجنح نحو الخلاف والإنقسام والفتنة؟؟ بدلا من التعايش والتعاون والشراكة، لماذا يستقوي ويُمْلِي على الآخرين رأيه واعتقاده ويقينه؟؟ أليس في وسع الإنسان أن يحبّ ربّه ودينه دون أن يبغض أخاهُ في الإنسانية وشريكه في الوطن، ألا يستطيع أن يصلح ثوبه دون أن يمزّق ثوب جاره، أليس بإمكانه أن يصلّي دون أن يسبّ ويلعن، وأن يصوم دون أن يتمنى للمفطرين الشواء في نار جهنّم، لماذا لا يتقبل أحدنا الآخر بكل عيوبه حتّى نعيش، فالنقص أحيانا هو عين الكمال، فصلاحية القوس في اعوجاجه، وإن استقام لما رمى..!! لماذا لا نبني الحياة ونغيث الإنسان بدلا من نبش القبور وحفر المقابر، لماذا يريد البعض أن نتقاتل بعظام أجدادنا، وأن نبحر في سفن مثقوبة ومياهٍ مفخخة، فيما ينقضّ على الوليمة بشراهةٍ مذلّة، وجوعٍ عتيق؟؟ لماذا لا نحوّل السلاح إلى معاول ومحاريث تحيي الأرض وتسقي الزرع؟؟ فالدول التي تحوّلت الى التنافس والتنمية والإبتكار والتحديث ومواكبة العصر أقوى من الدول التي أنفقت العمر في تكديس السلاح وحفر الخنادق.. يا الله.. ما أصعب الشعور بالخيبةَ وغياب الأمل، وفقدان الرجاء.. وأنا أرى الأبناء قد صاروا طغاةً، واستبدّوا، وخالفوا الآباء وناقضوهم، متى يفهم البعض أننا أبناء الحياة، وأنّ الحياة لا تعيش في منازل الأمس؟؟ وأن في الوطن متسع يكفي الجميع ويزيد، ولعلنا نجد الإجابة في قول الشاعر عمرو بن الأهتم السعدي: (لَعَمْرُكَ ما ضاقَت ْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا ** ولكنَّ أَخلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ)*..
*مستشار وناطق رسمي سابق