الأنبار.. الصراع القادم.. (تحليل) بقلم ضياء الوكيل*

في ضوء التحولات التاريخية الكبرى التي تشهدها المنطقة وتنضج على نار هادئة، (والمقصود بالتحوّلات هنا هو البعد المغاير  والمعاكس لحقائق التاريخ، فالحركة  نحو الأسفل والخطوات الى الوراء)، من المتوقع والمحتمل أن تكون (محافظة الأنبار العراقية) نقطة (الارتكاز أو الاصطدام )في حروب السيطرة والصراع من أجل الطاقة والثروات والمواقع الاستراتيجية، وليس غريبا أن تتحرك باتجاهها موازين قوى (محلية،اقليمية،ودولية)،وقد يجري تمهيد المسرح الاستراتيجي لسيناريو الأحداث المحتملة ليجد طريقه نحو ميدانه ومعركته، وذلك يستلزم مناخ ( متوتر، متصدّع، مأزوم ومحتقن)، لتقليل درجة الاحساس بالخطر والتهديد المحتمل، تحت ضغوط المشاغلة بالخلاف والانقسام والأزمات المفتعلة، وبعضها سياسي واجتماعي واقتصادي وأمني، سيتم دفعها الى واجهة المسرح الذي تمتد حدوده الى عدة دول في الشرق الأوسط، وبعضها حدث فعلا لجس النبض والاختبار، باختصار أنّ (الانبار) والمناطق المحيطة بها عبر الحدود على موعد مع تغيير في أنماط الصراع، وإذا كانت أمريكا تعسكر عند بئر صغير(حقل العمر النفطي) شرقي الفرات لا يتجاوز انتاجه(30000) ثلاثون ألف برميل يوميا، وتدخل في اشتباك مع المهربين والمافيات والمليشيات لادامة السيطرة عليه، فكيف تتخلى عن (حقل عكاز) الذي تراقبه ليل نهار، وهو خزان بكر لم يباشر باستثماره بعد، مع ما فيه من غاز وما يحيط به وعلى امتداده من (فوسفات ويورانيوم وكبريت وبورسلاين ومنغنيز) وغيرها من الخامات المهمة، وهذا ما يفسر تواجد وانتشار قوى اقليمية ودولية منافسة لأمريكا عند تخوم هذه المناطق وعبر الحدود في محاولة للتقرب والتحكم بالمفاتيح العسكرية والاستراتيجية والجغرافية لهذه المحافظة التي تشكل ثلث مساحة العراق، حتى أن (نقطة الإرتكاز ) لم تعد تفي بالتعبير اللغوي والتحليلي للفكرة، وقد يكون الأصح من وجهة نظر بحثية أن نقول (نقطة تصادم محتمل) وسط حراك (سري وعلني) يتخذ أشكالا متعددة ومعقّدة من أجل السيطرة على مصادر الطاقة والثروة والمواقع الاستراتيجية..

الخلاصة:

أن للجغرافيا وزنا وأحكاما وقوانين.. تفرض نفسها على الفكر السياسي،والتخطيط الإستراتيجي،وحسابات الحاضر والمستقبل،وهذا ما أجبر  نخبة من المفكرين والخبراء الأمريكيين من بينهم(كيسنجر، بريجنسكي، رامسفيلد الى الجنرال دمسي) على التمسك بالجغرافية السياسية أو المؤثرات الجغرافية أساسا لتخطيطهم السياسي والاستراتيجي والعسكري،والأنبار ليست بعيدة عن تلك القراءة والاهتمام والتقييم،وتنافسهم عليها وبنفس المستوى من الاهتمام والتوجه قوى اقليمية طامحة الى دور اقليمي عابر لحدودها الوطنية..

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع والعمليات(2012-2013)

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.