منجل الموت..بقلم ضياء الوكيل*

الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله عام 2003، كان مقدمة لانقلاب استراتيجي هدفه إعادة تشكيل وصياغة موازين القوى في الفضاء الاقليمي، وتغيير أنماط الصراع الدولي بالعنف والقوة العسكرية، ورسم الخطوط الحمراء بالحديد والنار، والمفتاح في خطة(البولو)* هو اخراج العراق من المعادلة الاقليمية، وأشاعت حالة من الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار، وتلك إحدى أدوات السيطرة والتحكم بالمشهد، وهذا الخلل الاستراتيجي فتح جروح التاريخ المفخخ، والجغرافية الشائكة، وأثار شهية وطمع بعض القوى الاقليمية الطامحة الى لعب دور عابر لحدودها وخرائطها التي تعتبرها عقابا لماضيها الامبراطوري، مما عقّد الموقف ووضع العراق على خطوط تماس ملتهبة في صراع اقليمي متعدد الأبعاد، ومما ضاعف من جروح العراق ومعاناة شعبه هو انقضاض قوى سياسية كثيرة على السلطه دون برامج وخطط لاعادة بناء الدولة بل طمعا في تحقيق مكاسب ومغانم حزبية وشخصية، وتعرض البلد الى عملية نهب غير مسبوقه كشفت هشاشة النظام الجديد ومؤسساته، واليوم وبعد أكثر من 19 عشر عاما على الاحتلال يبدو العراق عالقا في دوامة من الفشل والفساد والتصدّع والانقسام الخطير، ودخل مجددا في مخاض دموي ما زال مستمرا ويصعب التكهن في نتائجه، أمّا ما يسمى(أسلحة الدمار الشامل، ونشر الديمقراطية) فقد كشفت الأحداث أنّها ليست أكثر من كذبة كبيرة وتعبئة لشراب استعماري قديم في عبوات جديدة، يقول الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال (شارل ديغول) في عبارة ذكرها وزير ثقافته المبدع (آندريه مارلو) في كتابه ( السنديان).. (عندما يصبح الأمريكان سادة العالم فسوف ترون إلى أي حد تبلغ درجة استعماريتهم)، وصدق في حديثه، ولكن الامريكان لا يعملون لوحدهم، فقد انحنى البعض ليجعل من ظهره جسرا عبرت عليه دبابات الغُزاة لاحتلال العراق، والخلاصة أنّ الأمريكان حققوا نجاحا تكتيكيا وعسكريا بحكم الإختلال الشديد في موازين القوّة، ولكنهم حصدوا هزيمة استراتيجية بحكم سياق استخدام القوّة، ودفعوا ثمنا باهضا وأكثر تكلفة مما حصدوه بمنجل الموت، والعراق كان ضحية الغزاة وأطماعهم، وخطايا السياسة، وما زال محاطاً بكلّ أسباب الخطر ودواعي الإنفجار والإنهيار..

*(خطة البولو) هو الإسم السرّي لعملية غزو واحتلال العراق عام 2003

*مستشار وناطق رسمي سابق لمكتب القائد العام ووزارة الدفاع وعمليات بغداد

شاهد أيضاً

تحوّل القوّة.. بقلم ضياء الوكيل*(تحليل)

هل اقتنعت ايران أن الصعود الإستراتيجي في المنطقة يعتمد على شرط أساسي وهو(تحوّل القوّة) أو الإنتقال الى مرحلة التحدّي والصدام المباشر، وتغيير أنماط الصراع، وقواعد اللعبة؟ هل يزيد ذلك من المخاوف في وقوع حرب وقائية؟ أم أن الأمر يحتاج الى المزيد من المراقبة للوضع، وتقييم للخطوة التالية..!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.