زي موحّد… بقلم ضياء الوكيل

تحاول بعض القوى السياسية والعقائدية فرض رؤيتها الأحادية ووصايتها على (مجتمع متنوع ومتعدد الطوائف والقوميات والمذاهب والأديان) تحت عناوين وشعارات دينية، وهذا الأمر يثير المزيد من الإحتقان والمخاوف والإنقسام لدى الأوساط العراقية المختلفه، ولا نعرف لماذا يستعذب البعض حكَّ الجروح ورش الملح عليها..؟؟ لماذا تثار أزمات ذات نهايات مفتوحه، وقابله للإشتعال والإنفجار، ومعدية في كثير من الأحيان..؟؟ أسئلة بطعم الرماد الأسود تفتح ذراعيها على إمتداد خارطة الوطن الجريح، ولكن لا مجيب، ويبدو أن شطب الإستبداد وحكم الحزب الواحد، ليس كافيا لتنعم البلاد بجرعة من الحريّة والإستقرار، والأخطر هو إحتمال خضوعها من جديد لاستبداد جماعات وأطراف وأفكار تدفع بالأوضاع الى الوراء، وتسعى الى فرض الوصاية والسيطرة أو (الزي الموحّد) على مجتمع متعدد، في غياب دولة القانون والمؤسسات والحماية، وهذا المشهد المتصدّع يدخل الجميع في أنفاقٍ معتمه، ويرفع من حالة اليأس وفقدان الأمل، والإضطراب والتوتر السياسي والإجتماعي والأمني،ويعرّض المسرح الإستراتيجي العراقي الى المزيد من التناقضات والإنقسامات والأحداث المؤلمة، وكشفت لنا الفترة الماضية وما شهدته من ممارسات وانتهاكات خطيرة أن اللحاق بقطار العصر والمستقبل، ما زال بعيدا، وأن كلفته باهظة وجسيمه، وأن القوى السياسية وجدت نفسها بعد (17 عام) من الحكم وممارسة السلطة، في مواجهة حقيقية مع الشارع، وأمام تحديات الحقوق والحريات الشخصية والعامة، والفقر والبطاله والفساد، والإفلاس السياسي والمالي، وهذه الإستحقاقات لا يمكن معالجتها بوصفات وقواميس وأنظمة قديمة تخطّاها الزمن وتجاوزتها الأحداث، والحلول تحتاج إلى تضحيات وإرادة سياسية شجاعة ومسؤولة، قادرة على إتخاذ القرارات الصعبة، وتجرع الدواء المُر، وعلى ما يبدو أن المستوى السياسي ليس مستعدا لذلك في الوقت الراهن، وعلى العكس نرى إصرارا غريبا على الرهانات والسياسات الفاشله والعقيمه،حتّى الإنتخابات وبدلا من أن تكون خريطة لبناء مستقبل آمن يتلمس خطى الإصلاح والتغيير، وفرصة للخروج من الركام وإيقاف التدهور المريع، أصبحت مشروعا لصراع سياسي دموي وعنيف، وذلك مع فقدان الثقة، وشيوع الفساد، وإنهيار منظومة القيم والأخلاق الحميدة، ليس إلا الوجه الآخر للهزيمه، وسيطيح بما تبقى من حصانة وخريطة ودولة مريضة نخرها الفساد والفشل، وفتكت بها الشيخوخه المبكره، واغتيلت من الداخل  قبل أن يستبيحها الخارج..

يقول المفكر البريطاني (آريك هوبسباوم) صاحب كتاب (عصر الثورة):

(لا يمكن فهم خراب الأمم ما لم نفهم أوهام القادة ونزعات السلطة والزعامة والإستبداد)

شاهد أيضاً

قراءة (تحليلية) للوضع في المنطقة.. بقلم ضياء الوكيل*

على الرغم من ارتفاع مستوى التوتر والقلق في الشرق الأوسط، وانعكاس ذلك على أسعار النفط والتأمين والأسواق، إلا أن ذلك لا يعني أن الحرب وشيكة في المنطقة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.