ما حدث لوزير دفاع كوريا الشمالية؟؟

الكاتب علي سالمعلي سالم/ كاتب مسرحي مصري ( 16 أيار 2015)

على عهدة الـ«BBC» نام وزير دفاع كوريا الشمالية عندما كان رئيس البلاد يلقي خطابًا. فقبض عليه وأعدم رميًا بالرصاص. فتح هذا الخبر صندوق الذكريات عندي، تذكرت عندما مات الزعيم السابق، وكانت الناس تبكي بجنون وهي تودعه، كان من الواضح أن المشهد تمثيلي بحت يفتقر لأي صدق. وعرفت فيما بعد أن هناك بعض الناس حكم عليهم بالسجن لأنهم لم يبكوا بالحرارة التي تليق بهذه المناسبة. وعادت بي الذاكرة لبعيد، لأكثر من خمسين عامًا مضت، عندما كانت جريدة «الجمهورية» تنشر يوميًا إعلانًا على هيئة مقال من ذلك النوع الذي تعجز الناس عن قراءته تزينه صورة لأول زعيم لكوريا الشمالية وهو كيم إيل سونغ الزعيم المحبوب لأربعين مليونًا في الشمال والجنوب. أعود لوزير الدفاع المسكين الذي كبس عليه النوم بينما كان زعيمه يخطب. أخذت أتصور المشاهد، الكاميرات تضبطه متلبسًا بالجرم المشهود، الشخص الجالس بجواره يقرصه قرصة خفيفة لينبهه للمصيبة التي يرتكبها، يفيق لثوان ثم يستسلم للنوم.
م / 2 نهار داخلي، الزعيم كيم جونغ أون في مكتبه وأحد مساعديه يعرض عليه الفيلم، وجهه يكفهر ويقول: السافل.. ينام بينما زعيم البلاد يتكلم.. طبعا المسألة ليست في حاجة لذكاء كبير لنعرف أن الإمبريالية العالمية قد جندته وطلبت منه أن ينام بينما زعيمه يتكلم.
م / 3 ليل داخلي.. وزير الدفاع وليكن اسمه بنغ بونغ بملابسه الداخلية معلق على عمود خشبي، ضابط برتبة صغيرة يحقق معه. بنغ يقول بتوسل: أرجوك صدقني.. لم أكن نائما، كانت عيناي مغلقتين فقط لأني كنت أريد أن أستوعب جيدا كلمات الزعيم.. هذه عادتي، أن أغلق عيني لأستوعب جيدا ما أسمعه. المحقق: عيب يا بنغ بونغ.. عيب تكذب.. ده حضرتك كنت بتشخر كمان.. كنت سهران فين أول إمبارح.
بنغ: حسنا.. سأعترف.. كنت ساهرا على الحدود أراجع تحصينات البلد.. فقد جاءتني أخبار أن الإمبريالية العالمية قد تهجم علينا هذه الأيام.. ما نمتش طبعا.. خدت الطيارة الهليوكوبتر ومريت على كل الحصون والمواقع الدفاعية.. ومع ذلك أنا أعترف أنه عيني غفلت ثواني.. ومع ذلك فأنا أؤكد لك أن كل كلمة قالها زعيمي في خطبته كانت ترن في أذني.. ومستعد أسمّع لك الخطبة كلها.
المحقق: اسمع يا بنغ.. قل الحقيقة.. منذ متى تعمل مع مخابرات الإمبريالية العالمية..؟ طبعا أنت تعرف أنه توجد لدينا وسائل تدفعك إلى الاعتراف في دقيقة.. خلّيها تيجي منك أنت.. اعترف وإحنا نخفف عليك العقوبة.. كن صريحا معي.. أين ومتى قابلك مندوب الإمبريالية العالمية، وكم دفع لك..؟
بونغ: أقسم بحياة زعيمي أنني لم أقابل في حياتي أي مندوب للإمبريالية العالمية.. الحكاية كلها أنا نمت لأني كنت تعبان.. بس.
المحقق: عذر أقبح من ذنب.. وزير دفاع تعبان؟.. افرض جيوش الإمبريالية هجمت علينا.. تلاقيك تعبان؟.. يا راجل عيب عليك تقول الكلام ده.. هاتعترف وإلا عاوزنا نعكنن عليك..
لا أعرف بماذا اعترف بونغ ولكنه بالتأكيد اعترف بأشياء كان لا بد أن تنتهي بإعدامه رميا بالرصاص.. احفظنا يا رب.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.