إنكار الدولة أو تغييبها، والإستهانة بها، ومحاولة كسر شوكتها، وإضعافها، والنيل من سيادتها أمام الداخل والخارج، أمرا يبدو بعيدا عن سلطة العقل والسياسة، لأنه يطيح بما تبقى من حصانة البلاد، ويناقض الإستراتيجة الوطنية التي تسعى إلى بناء دولة ومؤسسات قوية تحمي الوطن والمواطن، وتحتكر السلاح، وتطبق القانون، وتصون السيادة، وتحترم المواثيق الدولية، وتصدّع وإنقسام وهشاشة الدولة في الداخل يستدرج القوى الناعمة والخشنة والعواصف المقتربة من الخارج، وفي إعتقادي لا كرامة لخريطة بلا دولة، ولا حصانة لسلاح بلا دولة، ولا أمان لمواطن بلا دولة، غياب الدولة يعني الفوضى، وتسليم المفاتيح الى المجهول، والعودة إلى الكهوف المعتمة، غياب الدولة يعني الإنقسام والصراع والإحتراب، وذلك يعني تحسس الجماعات لسلاحها، والإستسلام للهواجس والمخاوف القديمة، بمعنى أنّ المواطن بدلا من أن يبني ويعيش ويشعر أنه يستحق الحياة أسوة بالآخرين على سطح الأرض، وبدلا من أن يختصر الزمن ليلحق بقطار العصر والمستقبل، سيتجه إلى حفر قبور جديدة لأبنائه، غياب الدولة تكتيك (هدم وإفلاس) في وقت نحن بأمس الحاجة إلى الوحدة، ومعالجة التصدع، وتضميد الجراح، وإعادة بناء الدولة، ولملمة أشلائها، الوضع العراقي يحتاج من السياسيين وأصحاب القرار والسلاح إلى فضيلة التواضع والإعتدال فالتحديات مصيرية ووجودية وعلى الأصعدة كافة( سياسية،إقتصادية،أمنية،صحية،خدمية) والجوع يقرع الأبواب، والحرائق على الأسوار، ولا أظن أنّ عقلا وطنيا يمتلك أفقا من المعرفة والتخطيط الإستراتيجي يضع التكتيك الحزبي في تناقض مع الإستراتيجية الوطنية، لا أحد يقبل بفتح جبهة ومعركة وحرب تكسير العظام، وتحقيق مكاسب سياسية في هذا الظرف المصيري، ماذا نقول لمن يرابطون عند الحدود دفاعا عن الدولة التي تتعرض إلى الإنتهاك والتشكيك والتسقيط على يد أبنائها، من المؤكد أنّها سترخي قبضتهم عن سلاحهم وسط حملات التشويه والتشويش السياسي والإعلامي التي ستترك تأثيرها المدمّر على معنوياتهم وثباتهم وعقيدتهم العسكرية والوطنية، غياب الدولة خسارة للجميع، الدولة خيار استراتيجي ودستوري وحتمي، وانكسار الدولة وضعفها وغيابها يعني الفوضى وسقوط السقف على رؤوس الجميع.. وتحويل بلدنا إلى دولة فاشلة تنوء بأعباء الفقر والفساد والخراب والتخلف.. لا زالت الفرصة قائمة ولكن الأمل يتآكل والتفاؤل في تراجع مستمر ..
شاهد أيضاً
يا أطفال العالم اتحدوا..بقلم ضياء الوكيل*
الأمّهاتُ في غزّة يشبهن مناديل الوداع، وعيونهنّ مثل أجراسٍ تبكي، لبسن الحداد من بؤبؤ العين حتى قامة الحزن والعذاب، يتمرغن بالدعاء والصلوات إلى الله كي ينجي الصغار، ويقرعن باب الأمل المغلق فوق صدورهنّ مثل قبرٍ قديم، يمسحن عن جوع الأطفال ترنيمة الغفوة، فالحلم لا يحضر هناك، لا قمحا ولا حنطة.. للمزيد يرجى مطالعة المنشور كاملا..