الحرب تفاقم التوتر بين الفصائل الكردية

جوردي تيجل / 13 أيار 2015 / تبادل حزب العمال الكردستاني وحكومة اقليم كردستان العراقي تصريحات قاسية في الأسابيع القليلة الماضية حول من تحق له السيطرة على مدينة سنجار الاستراتيجية في شمال العراق، وظهر أن المعركة ضد تنظيم «الدولة الاسلامية تلقي بآثارها على العلاقات بين حكومة الاقليم وبين حزب العمال وبالتالي على حزب الاتحاد الديموقراطي (بي واي دي)، المكون السوري من حزب العمال الكردستاني.

في واقع الامر، لا يشعر لا حزب الاتحاد الديموقراطي ولا حكومة اقليم كردستان بالتهديد من تنظيم «الدولة الاسلامية». تغيرت الصورة تغيراً كلياً منذ محاولة التقدم المفاجئ التي قام بها التنظيم صوب عاصمة الاقليم اربيل في آب (أغسطس) 2014.

ورغم عدم سقوط اربيل الا ان تنظيم «الدولة» أفلح في السيطرة على عدد من البلدات الكردية بما فيها سنجار بسبب التفكك غير المتوقع لقوات البشمركة، القوة العسكرية لكردستان العراقية. على هذه الخلفية، تدخل الجناح المسلح لحزب «بي واي دي» في سنجار بذريعة حماية الايزيديين هناك بعدما فشل البشمركة في القيام بذلك. علامات الضعف التي رافقت هذه الأحداث حملت رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني على التخلي عن تنظيم استفتاء حول الاستقلال الكردي في شمال العراق.

في غضون ذلك، حوّل تنظيم «الدولة الاسلامية» اهتمامه مجدداً الى سورية وشنّ حملته العسكرية على كوباني في العام الماضي. وخلال ايام، تمكن من السيطرة على 70 في المئة من المدينة وأرغم حزب «بي واي دي» على طلب المساندة الدولية. ارسلت حكومة كردستان العراق مئة مقاتل كإشارة حسن نية للمساعدة على اقتلاع ميليشات «الدولة الاسلامية».

في المحصلة، زعزع التهديد الذي شكّله تنظيم «الدولة» المعسكرين الكرديين وجعل منهما حليفي ضرورة. وما ان بدا ان خطر «الدولة الاسلامية» قد اختفى حتى عادت التوترات بين حكومة اقليم كردستان وحزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديموقراطي الى الظهور.

من جهة ثانية، صاغ الحزب الديموقراطي الكردستاني الحاكم في كردستان العراق وحزب العمال الكردستاني منذ ثمانينات القرن الماضي علاقات متبدلة تضم فصولاً من الصراع ومن التعاون. بيد ان الانتفاضة السورية في 2011 وفرت زخماً للتنافس الإقليمي بين الحزبين. وأتاح الانسحاب الجزئي لقوات الامن السورية من الشمال الشرقي السوري في 2012 لحزب الاتحاد الديموقراطي فرصة التحول الى الفاعل السياسي الرئيس في تلك المناطق. يضاف الى ذلك، يسعى الحزب منذ آب 2014 الى تأسيس رابع منطقة حكم ذاتي في العراق حول سنجار.

جليّ ان «البي واي دي» انقلب عاملاً انتقالياً على حساب البارزاني: من جهة، حظي باعتراف الدولة التركية به كعامل سياسي شرعي في اطار «عملية السلام» التركية، ومن جهة ثانية، راح يسعى الى السيطرة العملية على أربعة معاقل كردية تتوزع بين سورية والعراق. في النهاية، غذت الحرب الاهلية السورية ايضا التوترات الكردية الداخلية في كردستان العراق، حيث يستخدم الاتحاد الوطني الكردستاني – المنافس التقليدي للحزب الديموقراطي – الأزمة لتحسين صورته ولانتقاد سياسة البرازاني الخارجية.

وفي إطار السياسة الخارجية، تدعو تركيا وحكومة اقليم كردستان الى تنحي الرئيس السوري بشار الاسد فيما يقيم كل من الاتحاد الوطني وحكومة بغداد التي تدعمها ايران علاقات طيبة مع حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديموقراطي الذي توصل بدوره الى اتفاق ضمني متبادل مع النظام السوري بعدم الاعتداء. ونجم عن ذلك، الازمة السورية التي ساهمت في تشكيل كتلتين متنافستين: محور يضم الولايات المتحدة وتركيا وحكومة اقليم كردستان، ومحور آخر مؤلف من حزب العمال الكردستاني وسورية والعراق وايران. ورغم التحدي الذي يمثله تنظيم «الدولة الاسلامية» فإن بعد الآليات الهيكلية لم يطرأ عليه أي تغير.

نقلا عن الحياة

 

* أستاذ في المعهد الدولي للدراسات الدولية والتنموية – عن «ورلد بوليتكس ريفيو» الاميركي – 1/5/2015،

 

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.