في طهران .. وفي بغداد!

عدنان حسين/ جريدة المدى 10 أيار 2015/ صحا سكان العاصمة الإيرانية طهران ذات صباح منذ أيام، ليروا العجب في شوارع مدينتهم الكبيرة: الملصقات الضخمة حاملة شعار “الموت لأميركا” تختفي دفعة واحدة! .. لا يتعيّن الاستغراب تماماً، فهذه هي السياسة .. لا عداوات أبدية ولا صداقات دائمة.
إيران والولايات المتحدة وسائر الدول الغربية العظمى قطعت أشواطاً متقدمة على طريق المصالحة بعد عداوة امتدت لأكثر من ثلث قرن.. سحب الشعارات الداعية بالموت على أميركا من شوارع طهران مؤشر على ان الطبخة قد نضجت تماماً ولم يتبقَ سوى سكب الطبيخ في الصحن، وهذا ما تتحضر له الآن بلدية طهران التي اختارت أن تعوض سكان العاصمة عما مرّ بطريقة حضارية.
بلدية العاصمة الإيرانية نشرت في مكان ملصقات الموت لأميركا لوحات فتية بهيجة الألوان، بينها صور منسوخة عن اللوحات الشهير لأساطين الفن التشكيلي المحليين والعالميين مثل بيكاسو وماتيس، فضلا ًعن صور لمناظر طبيعية ولنماذج من الخط والسجاد الايرانيين.
هذا ما أخبرتنا به صحيفة “ذا غارديان” البريطانية التي أفادت بان حوالي 700 عمل فني نُشرت على اللوحات الكبيرة التي كانت تحمل شعارات الموت لأميركا أو أقوالاً للزعماء الإيرانيين أو صوراً للقتلى البارزين في حرب الثماني سنوات.
طهران واحدة من العواصم الجميلة، برغم نسبة التلوث العالية فيها، ولا شك في انها ازدادت جمالاً الآن بالمشروع الجديد الذي نفّذته بلديتها في إطار برنامج عنوانه “غاليري بحجم مدينة”
قالت الصحيفة البريطانية انه أُستقبِل بترحاب من الإيرانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أكتب هنا عما يحدث في عاصمة جارتنا الشرقية لكي أقول لأمانة بغداد ومحافظة بغداد “إيّاكِ أعني فاسمعي ياجارة”.
بغداد تصرّ على أن تبقى عاصمة مهملة، موبوءة بالقذارة والبشاعة، فأحد في أمانة بغداد ومحافظة بغداد لا تستفزّه، في ما يبدو، مناظر النفايات المتكدّسة على مدار الأيام والأسابيع والأشهر، والشوارع والساحات والأرصفة المتصدعة، والروائح الكريهة التي تهبّ من كل حدب وصوب.
أكثر من هذا ان وجه بغداد مشوّه بغاليري بحجم عشر مدن أو أكثر من الملصقات الانتخابية حائلة الالوان في الغالب التي تتحدّى على نحو صارخ المفوضية العليا للانتخابات وقوانينها وأنظمتها وتصريحات مسؤوليها، ومن صور متزاحمة للشخصيات السياسية والدينية وسواها، عدا عن الشعارات واللّافتات التي ما أنزل الله بها من سلطان شكلاً ومضموناً.
توسّمنا الخير بإسناد أمانة بغداد الى سيدة أنيقة لتخفف في الأقل من هذه البشاعة التي حكمت بها الطبقة السياسية المتنفذة وفسادها على عاصمتنا (وسائر مدن البلاد في الواقع)، فإذا بنا نُصدم بان الأمر سيّان: أمين زرق ورق أو أمينة أنيقة!! .. بلدية ليس في وسعها انجاز أبسط وظائفها، النظافة، لا خيرَ يُرتجى منها في أي من المهام الأخرى.

 

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.