بحر آزوف أبتلع الطُعم..من التالي..؟؟ بقلم ضياء الوكيل*

الأزمة بين أوكرانيا وروسيا مفتعلة وحدّة التوتر والتصعيد محسوبة وتقف عند حدود السيطرة والتحكم عن بعد وهي ولا تتعدى تبادل الرسائل السياسية التي تعبّر عن مستوى الخلاف بين واشنطن وموسكو في الكثير من الملفات وخاصة في الملف السوري والقرم أما (كييف) فتلعب دور حامل الرسالة التي اتخذت شكل الإشتباك البحري المحدود في بحر آزوف..

السفن الأوكرانية التي إحتجزتها روسيا بعد اختراقها المياه الإقليمية الروسية عند بحر آزوف

قراءتي للحدث تشير إلى انزعاج واشنطن من تنصل أو إخلال موسكو بتفاهمات هلسنكي وتنطوي على تحذير من الانخراط في صراع مباشر أو بالوكالة ضد الحملة الأمريكية الرامية إلى تغيير أنماط الصراع وإعادة صياغة موازين القوى والخطوط الحمراء في المنطقة وفي اعتقادي أن الولايات المتحدة تطالب روسيا بالانصياع إلى الأجندات الأمريكية في سوريا والشرق الأوسط وعند حدود أوربا وأن تكتفي وتحافظ على ما حققته من مكاسب على الأراضي السورية وأن أي اختراق لقواعد اللعبة الجديدة سيكلفها كثيرا وأزمة القرم والاشتباك البحري الأخير نموذج للمشاغلة والإبتزاز..

ويبدو أن روسيا استلمت الرسالة وتعاطت معها بسياسة الرد المدروس وتحاشت الاستدراج نحو تصعيد أكبر رغم الإستفزاز الأوكراني أما في الشرق الأوسط فالجواب الروسي يترجمه الصمت تجاه العدوان (الإسرائيلي) الذي نفذته طائرات العدو واستهدف منطقة الكسوة جنوب غرب دمشق ليل الخميس 29 نوفمبر 2018 في حين تجسد الانزعاج الأمريكي في إلغاء اللقاء بين الرئيسين ( ترامب- بوتين) في قمة العشرين..

ومن وجهة نظري أن منطقة الشرق الأوسط والخليج تواجه إعصارا مرتقبا والعراق ليس بمعزل عمّا يجري وهو جزء من المسرح الإقليمي الذي يشهد تمهيد المناخ السياسي والعسكري لانقلاب استراتيجي عاصف تتزعمه واشنطن التي قد تختلف في الشرق وتضرب في أقصى الغرب أو الشمال وفقا لما تقتضيه مصالحها وهي ما آنفكت تشحن القنابل الموقوتة لتفجرها في المنطقة بالتزامن مع استدراج التناقضات ( السياسية، الإقتصادية، الأمنية، الطائفية ) ودفعها إلى واجهة الأحداث مع عمليات سرية وعلنية والأدوات متعددة ومتاحة وإحداها ورقة (داعش) (والكيان الإسرائيلي) بصفته العصا الغليظة (وقسد) ليست بعيدة عن المخطط..

وأي محاولة لإحباط وافشال المخطط المضاد مرهونة بالقدرة على التعاطي الحذر مع الموقف وشرط النجاح هو الاستقرار الداخلي والإصلاح ومواجهة الفساد واعتماد نهج سياسي بنّاء متوازن ومنفتح على الصعيدين الداخلي والخارجي وذلك وحده يعزز حصانة البلاد في مواجهة الفتن والحرائق المشتعلة عند الأسوار والتي تهدد بالتسلل نحو الداخل من جديد وبخلافه ليس إلا مواصلة لمسلسل الخيبات والإندحار والفشل..  فهل نحن متأهبون لما هو قادم..؟؟ سؤال مفتاحي قيد الإجابة والحوار..

*مستشار وناطق رسمي سابق للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد 2012-2013

شاهد أيضاً

ديوان بغداد.. بقلم ضياء الوكيل*

الحوار حضارة ورقي وثقافة، ودليل وعي وتفاؤل واستقرار..