ليست المشكلة بالاستفتاء والاستقلال..!! بقلم علي السوداني عن جريدة الزمان

سيكون الأمر تماماً كما تم رسمه على منضدة الرمل بعد أم الهزائم الخالدة بشتاء السنة الميلادية السخماء السوداء ألف وتسعمائة وتسعون . الدول المريضة الحمقاء هي التي ستدفع أثمان المظلوميات والأقليات التي لا ترى عيشها الآمن الا بتدمير الآخر المضيف ، كما هو الحال القائم الآن في العراق بلاد ما بين النهرين أو القهرين ، حيث سيتم حل مشكلة الشعب الكردي الأزلية برأس العراق فقط ، وينجو من مقص سايكس بيكو الجديد تركيا وايران وسوريا الى حد ما ربما سيكون مؤقتاً جداً قبل أن تلتحق الشام كلها بركب الدول المريضة والفاشلة .

عملياً وواقعياً فإن كردستان العراق هي دولة ومحمية قائمة منذ ست وعشرين سنة ، ولا وجود لسلطة بغداد على أي شبر ولا سفح جبل هناك ، ولا أحد يدري شيئا عن الجهة التي تستورد اكراد ايران وتركيا وأمكنة أخرى وتمنحهم الجنسية العراقية في أكبر عملية تكريد حقيقية مضادة لعملية تعريب منفوخة ومبالغ فيها ، وبهذا ستكون كردستاننا عبارة عن وعاء ضخم وجذاب لملايين الكرد الايرانيين والأتراك والسوريين ومن باقي أرض الشتات الكردي الشاسع وهو ما حدث في فلسطين العربية التي منحها المستعمر الانكليزي الوغد للملوم الصهاينة المستوطنين الذين تركوا بلدانهم الأصلية وجائوا الى فلسطين وحلوا محل شعبها الحقيقي برعاية انكليزية غربية وتالياً أمريكية قوية .

العالم يتحدث ويتفهم حلم الكرد بدولة مستقلة بشمال العراق ، لكن لا أحد يتذكر كرد ايران وتركيا الذين يتم قتلهم وسحقهم وطمس هويتهم ونكران ابسط حقوقهم ولو كانت على صورة حكم ذاتي شكلي ، واكراد العراق يستثمرون فرصة مرض الدولة وفسادها وموت هويتها الوطنية وتشتتها وتذابح اهلها بين سنة وشيعة ، فتتمدد كردستان وتأكل من جسد العراق الميت كركوك العراقية بعربها وكردها وتركمانها وشبكها ، وتستولي على اجزاء واسعة من الحاضرة الرافدينية نينوى وتنزل صوب صلاح الدين وديالى ومن هناك تصل خاصرة الكوت حتى شمال ميسان !!

زبدة الكلام هي أن للأصدقاء الكرد الحق بدولة مستقلة حالهم من حال باقي شعوب الأرض ، والمشكلة ليست في الأستفتاء او الاستقلال ، بل هي في حدود تلك الدولة المطلوب من العراق فقط دفع جزء من أرضه لخريطتها المزعومة ، والحل والرأي هنا يجب أن يتولاه مجلس عراقي مصطفى من نخبة غير مرتزقة عالمة بتأريخ بلاد سومر واشور وبابل وما حولها ، وعارفة باللغات القديمة وتتوفر على كنز من كتب ومخطوطات وآثار وخرائط قديمة ستعين السياسيين من الجانبين على دق أوتاد الحدود قبل فتح بوابة جحيم لن تغلق أبداً .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...