فضائية عراقية تعرض برنامجاً عن الربيع… بقلم زيد الحلي ( جريدة الزمان)

استوقفني برنامج تلفزيوني عرض الاسبوع الماضي، من احدى القنوات الفضائية العراقية عن الربيع، وازهاره ورياحينه، تحدث الى البرنامج المذكور عدد من مبدعينا عن الربيع في حياتهم، واثره على انجازاتهم ..

لا تعليق لي على فكرة البرنامج، سوى ان عرضه في هذا الظرف الجهنمي في صيف قائظ، شديد الحرارة، لا يلائم نفسية المشاهد، رغم قناعتي ان الربيع ليس بمسمياته، كفصل من فصول السنة، إنما هو إحساس مستمر، دائم وليس شهورا دوّارة في مسيرة السنين التي تأخذ من الانسان رصيده في الحياة رغماً عنه، وعلى هذا الاساس ارى ان مفهوم الربيع يختلف من شخص الى آخر، ومن نفس بشرية الى اخرى!

فكم من الاشخاص من هم بأعمار الربيع، لكنك تراهم يعيشون خريفاً دائما في ملبسهم وحواراتهم ونظرتهم الى الحياة، على عكس اشخاص آخرين يعيشون ربيعاً دائما في كل شيء، بغض النظر عن تقلبات الفصول والزمن والحياة وجريان السنين.

وعلى صعيد الابداع، نجد (مثلاً) ان اغنية (الربيع) الشهيرة ورائعة الموسيقار فريد الاطرش، كُتبت ولحنت وغُنيت لأول مرة في كانون ثاني من شتاء عام 1970 ببيروت ، ثم اعاد الاطرش غناءها في حفلات شم النسيم في نيسان بالقاهرة من العام ذاته ، وفي اوج الاحباطات العاطفية للفنان الراحل فريد الاطرش .. وهناك رائعة (دافنشي) الشهيرة (حكاية من الربيع) انجزت في فصل شتائي شديد البرودة، كثير الامطار والثلوج .. وحتى رائعة الموسيقار (بتهوفن) مولد ربيع، اكتملت في فصل صيف قائظ، لكن صورها الموسيقية تغنت بالربيع ومفاتنه.

بكلمة موجزة اقول : ان الاحساس بالربيع هو الاساس، وليس بعدد اشهر مستلة من تقويم السنة، فالقلب النابض بالربيع يبقى مشرقاً حتى النفس الاخير .. ويبقى معطاءً وحنوناً يضم في جوانحه كل اشراقات الحياة. وبرغم ان حديثنا اليوم، عن الربيع يأتي وقد دخلنا في اوج (جمرة القيظ )، إلا انني (شخصياً) لدي احساس كامل بالربيع، فالذين لا يعيشون ربيعهم، مثل الذين يولدون في ظلمة الليل .. فهم بلا وجوه، وبلا قلوب .

والياس هو الطوفان الذي يغرق كل شيئ.. والانسان بلا احساس بالربيع، هو شجرة عقيمة لا تثمر .. مع امنياتي للقراء الكرام بربيع دائم متحدين حرارة (جمرة القيظ)!

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...