أسحب طائفيتك ثم كلمنا عن عبد الكريم قاسم.. بقلم علي حسين

كنت ولا أزال أقول وأكتب دائماً : إن الصمت عن الخراب الذي حل بالعراق ، شراكة في المسؤولية تتحملها جميع القوى السياسية ، لأن مصائر البلدان لا يمكن أن تُترك لنهّازي الفرص من السياسيين الذين اكتشفوا بعد ” خراب البصرة ” فجأة أن الدولة المدنية هي الحل .
إنّ أفظع ما يدور من جدل مخجل ، هو أن الجميع يتساءل: من يقف وراء الخراب الذي حل بنا ، ومن صنعه ، ويضحك ذوو الإجابة ” الجاهزة ” ويقولون مع ابتسامة ” ساحرة ” وهم يقلبون باوراق ” الروزنامة ” فيقع بصرهم 14 تموز ، اذن عبد الكريم قاسم هو الذي جاء بكل هذا الخراب ، ومثل هؤلاء هم الذين صفقوا لشعارات نوري المالكي ، واعتقدوا انها ستنقذنا من الفقر والقتل والجهل ، هؤلاء يرون في شخصية عبد الكريم دراكولا العصر الحديث ، وفي شعارات عالية نصيف ” التوازنية ” علاج لأمراض هذه البلاد .
سيقول البعض وهو محق حتماً ، بالامس تكتب عن ذكرى سحل نوري سعيد ، واليوم تريد لنا ان نصفق لرجل فتح باب الانقلابات العسكرية الذي خرجت منه رياح الخراب. المشهد مقزز حتما ، تعليق جثة الوصي عبد الاله وسحل نوري سعيد عاريا ، ولكن هل كان هذا المشهد هو الوحيد في تاريخ هذه الدولة ، الم يقتل بكر صدقي بدم بارد مؤسس الجندية العراقية جعفر العسكري ، الم ترفع جماهير انقلاب الكيلاني السيوف والقامات في وجه يهود العراق ، واصرت على ان تستبيح املاكهم .
لم يكن السحل غريبا عن قيم مجتمعاتنا ، وكان ولايزال العنف ظاهرة تعبر عن تصدع هيكلي مفزع في المجتمع العراقي .
اول كلمة قالها قائد الثورة الفرنسية : ” يجب أن يموت لويس السادس عشر لكي يحيا الوطن” ، وبها انطلق ليأمر بإعدام كل من يقع تحت ناظريه. ، لكن هذا لم يمنع فرنسا ان تفرق بين العنف الذي احدثته الثورة ، والتغيير الكبير الذي صنعته في مجمل الكرة الارضية ، ولهذا شاهدنا كيف خرجت باريس اليوم بكل رموزها السياسبة للاحتفال ثورة 14 تموز .
أراد عبد الكريم قاسم أن بؤسس لدولة مدنية ، فافتى الشيوخ بقتله ، حاول أن يقول لنا ان الخلاص في نظام مدني حقيقي ، فتركناه يموت وحيدا في وزارة الدفاع، هل نحن شعب يسخر من المسؤول الذي لا يسمح لنفسه بأكثر من وجبة غذاء بسيطة؟ لا أبناء، لا زوجة، لا أصهار يستولون حتى على ساحات وقوف السيارات، لا مقربين يحتكرون المناصب، مشتمل بسيط في البتاوين، بحث لتحقيق حلمه عن دعاة الدولة المدنية، فضمّ إليه محمد حديد وناجي طالب وابراهيم كبة ونزيهة الدليمي ومصطفى علي وهديب الحاج حمود وعبد اللطيف الشواف .
لا أُريد أن اقلب على حضراتكم المواجع في هذه الزاوية الصغيرة بشجون التاريخ، لكننا أيها السادة لانزال نشغل الفيسبوك بشعارات الطائفية والكره والحقد بين ابناء الشعب الواحد ، لا يمكن أن نتصور أبداً أن هذا شعب يريد الانعتاق من ظلم الماضي ، ومدعي المدنية والثقافة فيه يشتمون نساء الموصل ويلصقوا باهل المدينة التي عانت ويلات داعش اقبح الاوصاف .
لست هنا في مجال مراجعة التاريخ ، انها سطور قليلة أريد ان أقول فيها: ان على كل عراقي أن يستدعى ضميره قبل ان يشتم عبد الكريم ، او يلعن نوري السعيد ، او يتشفى من اهل الموصل .
كل تفوق نراه حولنا اليوم صنعه التسامح ونسيان الماضي ، وليس السقوط في أمراض الطائفية والحقد 

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...