لن ولا ولكن…!!!؟؟؟ بقلم علي السوداني

لا‭ ‬يُزعجني‭ ‬صياح‭ ‬الديك‭ ‬بباب‭ ‬الفجر‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬نباح‭ ‬كلبٍ‭ ‬مبحوح‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬الجلبة‭ ‬التي‭ ‬يحدثها‭ ‬شابٌ‭ ‬تعيسٌ‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬علبة‭ ‬ألمنيوم‭ ‬ببطن‭ ‬حاوية‭ ‬زبل‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬مواء‭ ‬قطةٍ‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬هوى‭ ‬شباط‭ ‬يلعب‭ ‬في‭ ‬رأسها‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬خلع‭ ‬ضرس‭ ‬ولا‭ ‬رمد‭ ‬عين‭ ‬ولا‭ ‬طبل‭ ‬قلب‭ ‬ولا‭ ‬شحة‭ ‬رغيف‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬وجه‭ ‬طركاعة‭ ‬الثولة‭ ‬ولا‭ ‬عفطة‭ ‬تيس‭ ‬بباب‭ ‬الصباح‭ ‬ولا‭ ‬خطبة‭ ‬دجّال‭ ‬بحشد‭ ‬عميان‭ ‬دماغ‭ . ‬لست‭ ‬مهتمّاً‭ ‬بثرثرة‭ ‬سائق‭ ‬التاكسي‭ ‬ولا‭ ‬كمون‭ ‬جمال‭ ‬زهران‭ ‬بحلق‭ ‬درج‭ ‬الكلحة‭ . ‬لا‭ ‬ألطم‭ ‬على‭ ‬رأسي‭ ‬إنْ‭ ‬لم‭ ‬يقنص‭ ‬ريال‭ ‬مدريد‭ ‬كأس‭ ‬البهجة‭ . ‬ليس‭ ‬لديّ‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬مشية‭ ‬جارتي‭ ‬البطة‭ ‬السمينة‭ ‬بثوب‭ ‬البكّيني‭ .‬

لن‭ ‬أنتحر‭ ‬على‭ ‬منظر‭ ‬ذبابة‭ ‬وهي‭ ‬تسبح‭ ‬بفنجان‭ ‬قهوتي‭ ‬المرة‭ . ‬لن‭ ‬أزعل‭ ‬إذا‭ ‬سقطت‭ ‬بحضني‭ ‬قنبلة‭ ‬ذرية‭ . ‬لن‭ ‬أموت‭ ‬من‭ ‬القهر‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أغلقت‭ ‬الحانات‭ ‬بيبانها‭ . ‬لن‭ ‬يقصر‭ ‬عمري‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬بقيت‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬سينما‭ ‬بابل‭ ‬ألف‭ ‬سنة‭ ‬ودَور‭ ‬العاشرة‭ ‬ليلاً‭ . ‬لن‭ ‬أتحسّر‭ ‬لو‭ ‬شفت‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬منامي‭ ‬وهي‭ ‬تقصّ‭ ‬شعرها‭ ‬الطويل‭ ‬وترميه‭ ‬بدجلة‭ . ‬لن‭ ‬أتلف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ضربتْ‭ ‬قلبي‭ ‬هزة‭ ‬قوتها‭ ‬تسع‭ ‬درجات‭ ‬على‭ ‬مقياس‭ ‬الفراق‭ . ‬لن‭ ‬يتخلخل‭ ‬بنيان‭ ‬حروفي‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬واصلتْ‭ ‬الدنيا‭ ‬شتلي‭ ‬خارج‭ ‬مائدتها‭ ‬الطيبة‭ . ‬لا‭ ‬أُكلّف‭ ‬صحبيَ‭ ‬إلّا‭ ‬وسعهم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يوجعني‭ ‬ويحطّم‭ ‬روحي‭ ‬ويسخّم‭ ‬أيامي‭ ‬القاسيات‭ ‬،‭ ‬هم‭ ‬أصدقائي‭ ‬الأدباء‭ ‬الذينَ‭ ‬فضّلوا‭ ‬أثاثَ‭ ‬المعدةِ‭ ‬على‭ ‬أثاثِ‭ ‬الضمير‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬كروشهم‭ ‬المتهاطلة‭ ‬،‭ ‬قبوراً‭ ‬للحيوانات‭ ‬،‭ ‬فأكلوا‭ ‬ناراً‭ ‬وشربوا‭ ‬صديداً‭ ‬أُجاجاً‭ ‬،‭ ‬فلهم‭ ‬دينهم‭ ‬ولي‭ ‬ديني‭ . ‬

بمقدوري‭ ‬وحروفي‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مثل‭ ‬جلّهم‭ ‬،‭ ‬محايداً‭ ‬خانساً‭ ‬ساكتاً‭ ‬عن‭ ‬الحقِّ‭ ‬،‭ ‬فاكتب‭ ‬شعراً‭ ‬منثوراً‭ ‬في‭ ‬شَعر‭ ‬حبيبتي‭ ‬،‭ ‬وطلاسم‭ ‬يقرأها‭ ‬الفقراء‭ ‬فيزدادون‭ ‬فقراً‭ ‬وموتاً‭ . ‬سأرسمُ‭ ‬قطعة‭ ‬بائسةً‭ ‬تصيح‭ :‬

‭ ‬أنينُ‭ ‬البواخرِ‭ ‬البعيدة‭ . ‬

تثاؤبُ‭ ‬منارة‭ ‬المَرسى‭ . ‬

حركةُ‭ ‬العمّالِ‭ ‬الزُرق‭ . ‬

حليبُ‭ ‬الذاكرة‭ ‬وناقوطها‭ ‬المُرّ‭ . ‬

رنينُ‭ ‬الأيام‭ ‬المخمَّرة‭ . ‬

قال‭ ‬ليَ‭ ‬الليلةَ‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬الأبنودي‭ :‬

‮«‬‭ ‬في‭ ‬ايديَّ‭ ‬المزامير‭ ‬،‭ ‬

وفي‭ ‬قلبي‭ ‬المسامير‭ ‬

‭ ‬الدنيا‭ ‬غرّبتني‭ ‬وانا‭ ‬الشابّ‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬

يا‭ ‬عليّ

أما‭ ‬آنَ‭ ‬لهذا‭ ‬الحزن‭ ‬أنْ‭ ‬يَتَرَجَّل‭ ‬؟

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...