
أيها الناس ، لا تنخدعوا بالتعريف الأمريكي الناقص للإرهاب . الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا قومية له ، فاحذروا من جَلْد أنفسكم أيها العرب . أوربا المسيحية قتلت أكثر من أربعين مليون بريء في حربين كونيتين عبثيتين ، واستعمار ونهب لفقراء الله على أرضه . أمريكا المسيحية قتلت ربع مليون ياباني بريء بالقنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي . ألطيارون الذين رشّوا أرض العراق وسرطنوها وقتلوا مئات آلاف من أهلها كانوا مسيحيين كلهم . اسرائيل اليهودية ولملومها ولقطاؤها ، قتلوا وشرّدوا ملايين الفلسطينيين ، وأخرجوهم من بلادهم من دون حقّ . ماينمار البوذية ما زالت تحرق المسلمين الروهينغا ، وتدفنهم وهم أحياء يرزقون . ألفرق هو أنَّ زوم وضوء الكاميرا الرهيب ، مسلّطٌ الآن فقط على وجوه العرب المسلمين .
2
في الفلم المصري العظيم ” أرض النفاق ” يكتشف البطل فؤاد المهندس دكاناً لبيع الأخلاق ، وصاحبه الجميل هو عبد الرحيم الزرقاني ، فيشتري منه حبة نفاق ويبلعها ، فتصير حياته أحسن ويتبوأ مكانته المربحة بسبب نفاقه وكذبه . ثم يشتري حبة صراحة وشرف ، فتنقلب حياته إلى الأسوأ ، وهكذا يقوم فؤاد زوج شويكار اللهلوبة الشهية ، بتجريب حبوب أخلاق أخرى . كم دكّان من هذا الصنف ، ستحتاج مشارق الأرض ومغاربها ، كي يعيش البشر بأمن وسلام وحب وصدق . أرض النفاق صارت شاسعة وتكاد تشمل بوبائها الكون كله ، لكن ثمة فرق في نسب التوزيع ، وهي نسب غير عادلة حيث النفاق والدم المراق ، يسيطر على المشهد العراقي الآن ، بصنفيه الحاكم والرعية .
3
دولتان ناجيتان تماماً من مفخخات وملغمات ومحزمات تنظيم القاعدة ، وابنته الشرسة داعش وأخواتها بالرضاعة من نفس ثدي الشيطان ، هما إسرائيل وإيران ، وربما دولة صغيرة أخرى اسمها قطر . هاتان الدولتان ليستا الأقوى على الأرض ، بل هما محاطتان من كلّ الجهات بأنفاس وأجساد القاعدة وداعش . هما وعددهما وعدتهما ليستا أكثر من قريناتها في بريطانيا وروسيا وفرنسا وباكستان وحتى تركيا . هل المطلوب أمريكياً وماسونياً أن تبقى ايران واسرائيل بهذه القوة والحصانة ضد المفخخات ، ويبقى شرقنا كله يعيش الحريق والفتنة ؟
4
ساقفز فوق الجانب الفني مؤقتا وقد اعود ، واذهب الى الزبدة التي خلقها كاظم الحلاق في مرثيته لما تبقى . الكاتب خاصة والمشتغلون ببيبان الفنون الجميلة عامة ، حتما يجب ان يكونوا صوتا منعكسا من اجواف الفقراء والمظلومين والمهانين الذين يجيدون الأنين والبكاء ، لكن ليس بمقدورهم كتابة قصة او رسم لوحة . هنا يأتي دور المنقذ المخلص الكاتب الشريف النبيل . في بلدي العراق بلد ما بين القهرين اليوم ، لم نعد نعثر على اصوات ادبية شجاعة تقول ما يجب ان يقال ضد الغزاة والمنغلة التي زرعوها وسقوها ورعوها وحموها . لقد تم قتل ضمير الحروف بسلطة المال والطائفية التجارية ، فصار جلُّ الأدباء عبارة عن كروش مكتظة بالحيوانات النافقة ، وفي اخير كل كرش ، ثمة ثقب لتصريف الفوائض . طبعاً هذا سبب مبهج ومسعدٌ لي ، وبسببه ماتت كل صلاتي بصحبي الساكتين عن الحقّ شديد الوضوح الذي لا يحتاج إلى بَحوَشة كديدة أو دليل .
المستشار ضياء الوكيل