أرض النفاق والدم المراق- بقلم علي السوداني

ali-sudani

أيها الناس ، لا تنخدعوا بالتعريف الأمريكي الناقص للإرهاب . الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا قومية له ، فاحذروا من جَلْد أنفسكم أيها العرب . أوربا المسيحية قتلت أكثر من أربعين مليون بريء في حربين كونيتين عبثيتين ، واستعمار ونهب لفقراء الله على أرضه . أمريكا المسيحية قتلت ربع مليون ياباني بريء بالقنابل النووية في هيروشيما وناغازاكي . ألطيارون الذين رشّوا أرض العراق وسرطنوها وقتلوا مئات آلاف من أهلها كانوا مسيحيين كلهم . اسرائيل اليهودية ولملومها ولقطاؤها ، قتلوا وشرّدوا ملايين الفلسطينيين ، وأخرجوهم من بلادهم من دون حقّ . ماينمار البوذية ما زالت تحرق المسلمين الروهينغا ، وتدفنهم وهم أحياء يرزقون . ألفرق هو أنَّ زوم وضوء الكاميرا الرهيب ، مسلّطٌ الآن فقط على وجوه العرب المسلمين .
2
في الفلم المصري العظيم ” أرض النفاق ” يكتشف البطل فؤاد المهندس دكاناً لبيع الأخلاق ، وصاحبه الجميل هو عبد الرحيم الزرقاني ، فيشتري منه حبة نفاق ويبلعها ، فتصير حياته أحسن ويتبوأ مكانته المربحة بسبب نفاقه وكذبه . ثم يشتري حبة صراحة وشرف ، فتنقلب حياته إلى الأسوأ ، وهكذا يقوم فؤاد زوج شويكار اللهلوبة الشهية ، بتجريب حبوب أخلاق أخرى . كم دكّان من هذا الصنف ، ستحتاج مشارق الأرض ومغاربها ، كي يعيش البشر بأمن وسلام وحب وصدق . أرض النفاق صارت شاسعة وتكاد تشمل بوبائها الكون كله ، لكن ثمة فرق في نسب التوزيع ، وهي نسب غير عادلة حيث النفاق والدم المراق ، يسيطر على المشهد العراقي الآن ، بصنفيه الحاكم والرعية .
3
دولتان ناجيتان تماماً من مفخخات وملغمات ومحزمات تنظيم القاعدة ، وابنته الشرسة داعش وأخواتها بالرضاعة من نفس ثدي الشيطان ، هما إسرائيل وإيران ، وربما دولة صغيرة أخرى اسمها قطر . هاتان الدولتان ليستا الأقوى على الأرض ، بل هما محاطتان من كلّ الجهات بأنفاس وأجساد القاعدة وداعش . هما وعددهما وعدتهما ليستا أكثر من قريناتها في بريطانيا وروسيا وفرنسا وباكستان وحتى تركيا . هل المطلوب أمريكياً وماسونياً أن تبقى ايران واسرائيل بهذه القوة والحصانة ضد المفخخات ، ويبقى شرقنا كله يعيش الحريق والفتنة ؟
4
ساقفز فوق الجانب الفني مؤقتا وقد اعود ، واذهب الى الزبدة التي خلقها كاظم الحلاق في مرثيته لما تبقى . الكاتب خاصة والمشتغلون ببيبان الفنون الجميلة عامة ، حتما يجب ان يكونوا صوتا منعكسا من اجواف الفقراء والمظلومين والمهانين الذين يجيدون الأنين والبكاء ، لكن ليس بمقدورهم كتابة قصة او رسم لوحة . هنا يأتي دور المنقذ المخلص الكاتب الشريف النبيل . في بلدي العراق بلد ما بين القهرين اليوم ، لم نعد نعثر على اصوات ادبية شجاعة تقول ما يجب ان يقال ضد الغزاة والمنغلة التي زرعوها وسقوها ورعوها وحموها . لقد تم قتل ضمير الحروف بسلطة المال والطائفية التجارية ، فصار جلُّ الأدباء عبارة عن كروش مكتظة بالحيوانات النافقة ، وفي اخير كل كرش ، ثمة ثقب لتصريف الفوائض . طبعاً هذا سبب مبهج ومسعدٌ لي ، وبسببه ماتت كل صلاتي بصحبي الساكتين عن الحقّ شديد الوضوح الذي لا يحتاج إلى بَحوَشة كديدة أو دليل .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...