بؤس الشعب.. نعيم الإسلام السياسي…!!! بقلم عدنان حسين

10

هذا هو، إذن، الإنجاز العظيم الذي وُعِدَ به العراقيون طويلاً قبل إسقاط نظام صدام، وحقّقه لهم نظام الإسلام السياسي الحاكم على مدى السنين الثلاث عشرة الماضية، تعويضاً عمّا لحق بهم على يد النظام السابق ثم على أيدي المنظمات الإرهابية، ومكافأة لهم عن صبرهم الجميل والمديد على النوائب والمحن.
وزير التخطيط وكالةً سلمان الجميلي أبلغ منذ يومين مؤتمر السفراء المنعقد في بغداد، بأن معدلات الفقر في العراق قد تصاعدت إلى  نحو 30 في المئة ومعدلات البطالة إلى نحو 20 في المئة. ولابدّ من التعامل بتحفظ وتشكّك مع المعطيات المقدّمة من الإدارات الحكومية التي عادة ما تميل إلى إنقاص الأرقام  والتهوين منها في مثل هذه الحال.
حتى لو قبلنا بأرقام وزير التخطيط فإن معدلات الفقر والبطالة هذه مرتفعة للغاية، وما كان يتعيّن أن تصل حتى إلى نصف هذه الأرقام في بلد زراعي وسياحي ومن الدول الرئيسة المُنتجة والمصدّرة للنفط.
يُمكن بكل يسر التذرّع بالحرب على داعش وتدنّي أسعار النفط، وبالسياسات الخرقاء الكارثية لنظام صدام قبل ذلك، بيد أن هذا هو نصف الحقيقة في الواقع. النصف الآخر يتمثّل في السياسات الخرقاء هي الأخرى التي انتُهِجت منذ 2003 حتى الآن، ولا يمكن بطبيعة الحال وصف السياسات التي خلقت أنسب بيئة للفساد الإداري والمالي ولهدر مئات مليارات الدولارات في غضون ثماني سنوات في عهد الحكومتين السابقتين إلا بأنها سياسات خرقاء، خاصة أنها أفضت الى تمكّن تنظيم داعش الإرهابي من احتلال ثلث مساحة البلاد وفرض حرب مُكلّفة بالمقدار نفسه الذي كلّفته الحرب ضد إيران أو احتلال الكويت والحرب المرافقة.
ما تمثله الأرقام التي أعلن عنها وزير التخطيط (إملاق 30 في المئة من العراقيين وترك 20 في المئة منهم لمصيرهم مع البطالة القاتلة)، تتحمّل المسؤولية الرئيسة عنه أحزاب الإسلام السياسي المستحوذة على السلطة. هي التي أوجدت نظام المحاصصة الذي ألقى بالدولة الى الحضيض وعاد بالمجتمع قروناً إلى الوراء، وأطلق وباء الفساد الإداري والمالي، وهي – هذه الأحزاب المتصارعة بضراوة على السلطة والنفوذ والمال –  مَنْ أشعلت نار الحرب الأهلية الطائفية التي لم تضع أوزارها بعد، بل لم يزل أوارها مستعراً وسيبقى حتى وقف العمل بنظام المحاصصة وإصلاح النظام السياسي والشروع بإقامة النظام الديمقراطي الذي اختاره الشعب منذ أحدى عشرة سنة ولم تسمح له هذه الأحزاب بأن يرى النور.
المشكلة أن أحزاب الإسلام السياسي، شيعية وسنية، تعاند وتكابر ولا تريد أن تعترف بالمسؤولية عما آلت اليه أوضاع البلاد، فهي ممن جاء في الفرآن فيهم “وإذا قيل له اتّقِ الله أخذته العزّة بالإثم”، مع اختلاف هو أنّ المقصود في القرآن قد وُعِدَ بأن “حسبه جهنم ولبئس المهاد”، فيما أحزاب الإسلام السياسي تعيش النعيم المختطف من أفواه 12 مليون عراقي تحت خط الفقر و9 ملايين عاطل عن العمل.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...