الإمارات أنفقت الكثير على شركة (تجسس) من أجل الرقابة على الحقوقيين.. (بقلم الياس جرول*) عن فورين بوليسي

الناشط الحقوقي الاماراتي احمد منصور

ترجمة وتحرير نون بوست

قامت الإمارات العربية المتحدة بعمليات تجسس سرية ضد مواطنيها من المعارضين السياسيين والحقوقيين والإنسانيين، باستعمال برنامج تجسس إسرائيلي نادر، حيث وظفت الإمارات العربية المتحدة برنامج التجسس النادر الذي يسمح لها باستغلال الثغرات في الأجهزة الإلكترونية لشخصيات معروفة، مثل الناشط الإنساني أحمد منصور من أجل تحويلها إلى آلات قوية للتجسس حول كل تحركات المعارضين للسلطة، أو الذين يشكلون أي نوع من أنواع الخطر المحتمل عليها.

وتلقى الناشط أحمد منصور رسالة هاتفية من طرف مجهول على هاتفه، تضمنت رابط مموهًا بعنوان “أسرار جديدة لعمليات تعذيب في السجون الإماراتية”، وقد قام منصور بفتح هذا الرابط الذي أرسلته له السلطات الإماراتية في شهر آب/ أغسطس الجاري، فتحول هاتفه إلى أداة للتجسس في يد السلطات الإماراتية.

ويدعى البرنامج الذي وظفته الحكومة الإماراتية “بيجاسوس”، والذي يسمح لها باعتراض المكالمات الهاتفية وتسجيل الرسائل الهاتفية، حتى تلك التي يقوم بها الشخص من خلال تطبيقات مشفرة، مثل واتس آب وفايبر، أو قراءة رسائل البريد الإلكتروني أو تعقب تحركات الشخص المستهدف، بالإضافة إلى قدرته على التحكم في الكامير الربح من تيك توك ا أو مضخم الصوت.

وقد كشف مركز أبحاث سيتيزن لاب كل التفاصيل المتعلقة بتجسس الحكومة الإماراتية على الناشط أحمد منصور، هذا المركز، الذي مقره في جامعة تورنتو في الولايات المتحدة الأمريكية، يهتم بتتبع وبتوثيق حالات الاختراق الإلكتروني والقرصنة التي تقوم بها الحكومات حول العالم من أجل التجسس.

واعتمدت الأطراف التي قامت بالتجسس على هاتف “أيفون” الذي يملكه الناشط أحمد منصور نظامًا يسمى “هجوم دون انتظار”، مستفيدين في ذلك من بعض العيوب أو الثغرات التي لم تكن شركة آبل المصنعة للهاتف على علم بها.

وقد قام مركز “سيتيزن لاب” بتنبيه شركة آبل إلى هذه الثغرة في بداية شهر آب/ أغسطس، حيث قامت الشركة باتخاذ الإجراءات اللازمة في وقت قياسي، وتمكنت من سد هذه الثغرة بعد 10 أيام من تلقيها البلاغ.

ويعتبر أحمد منصور من بين أبرز الشخصيات التي تتجسس عليها السلطات الإماراتية، لكنه ليس الشخصية الوحيدة، بما أن تكنولوجيا التجسس والاختراق أصبحت متوفرة على نطاق واسع للحكومات والمؤسسات الأمنية التي أصبحت أكثر وعيًا بأهمية المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها من خلال التجسس أو اختراق هاتف ذكي لأحد المعارضين، وقد تتسع القائمة في المستقبل لتشمل أسماء صحفيين وناشطين حقوقيين ومعارضين سياسيين.

ولا يمتلك مركز “سيتيزن لاب” أدلة قطعية حول طبيعة الأطراف المتورطة في التجسس على الناشط أحمد منصور، لكن كل الأدلة المتوفرة تشير إلى أن السلطات الإماراتية هي المتهم الأبرز في عمليات الاختراق والتجسس، ومن بينها ما اكتشفته “سيتزن لاب” حول العلاقات الوثيقة بين نشاطات برنامج بيجاسوس، وعمليات القرصنة التي أطلق عليها “الشبح الصقر”، والتي قامت بها أطراف إماراتية في وقت سابق.

وقد قامت مجموعة شركات “إن إس أو” الأمنية الإسرائيلية بتصميم برنامج التجسس والاختراق “بيجاسوس”، حيث ذكرت في تصريح لها أن “مهمتها الرئيسية تتمثل في جعل العالم مكانًا أكثر أمنًا من خلال توفير تكنولوجيا متطورة للحكومات الشرعية من أجل محاربة الإرهاب والجريمة”، وأضافت أن “الشركة ليس لديها أي علم حول الاستعمالات الفردية للتكنولوجيا التي تقوم بتصنيعها”، وأن “منتجاتها يجب أن تستعمل فقط لمنع الجرائم والتحقيق فيها”.

كما يعتبر أحمد منصور من بين أبرز الناشطين الحقوقيين المعترف بهم حول العالم، وقد فاز بجائزة مارتن إينالس لحقوق الإنسان التي تقدمها الخارجية الأوروبية نيابة عن عدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي، وكان في سنة 2011، من بين المعتقلين الرئيسيين في أعقاب الأحداث التي تلت اندلاع الثورات العربية، وقد وجهت إليه حينها تهم مختلفة، من بينها إهانة العائلة المالكة، وذلك بعد توقيعه على عريضة مساندة للديمقراطية.

ولا زالت تفاصيل الصفقة بين الإمارات العربية المتحدة ومجموعة شركات “إن إس أو” مجهولة، لكن مارك مارجتزاك المسؤول في مركز “سيتزين لاب” وأحد كتاب التقرير حول قضية أحمد منصور، أكد أن الصفقة يمكن أن تتراوح بين 10 و15 مليون دولار، وعمومًا، يختلف حجم الصفقة حسب عدد الأطراف أو الأشخاص الذين ترغب الإمارات العربية المتحدة في استهدافهم.

كما تقوم شركة “أن أس أو”، المتخصصة في خدمات الرقابة والاختراق، ببيع خدماتها للحكومات حول العالم، ويبدو من خلال المعطيات المتوفرة أنّ الإمارات العربية المتحدة من بين أبرز الدول التي تتعامل مع هذه الشركة، رغم تعاملها مع المكسيك في العديد من المناسبات، أبرزها كانت لتعقب تحركات صحفي محلي.

  • الباحث الياس جرول الياس جرول سويدي خريج جامعة هارفارد، محرر في مجلة فورين بوليسي الأمريكية، كتب في عدد من المواقع والصحف الأمريكية

المصدر:فورين بوليسي

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...