” سكايب ” عريبي في وزارة الصحة… بقلم علي حسين

علي حسين

الأقسى من الطريقة البشعة التي مات بها 11 رضيعاً في حريق مستشفى اليرموك، أننا من جديد نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنّ الإنسان العراقي بلا ثمن، ولا أهمية، مجرّد رقم يضاف إلى سجلات الموتى، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في كارثة اليرموك، مثلما لايحق لكم ان تسألوا أين وصل التحقيق في كارثة الكرادة، التي لايزال 325 شهيداً في الطب العدلي، لا أحد يتعرف على جثثهم، هذه هي الحقيقة باختصار شديد وإن حاولوا الضحك على عقولنا، بأنّ ما جرى مجرّد إهمال من مدير المستشفى وقد تمت إقالته.

غيرَ أنّ الأكثر إيلاماً أن لايجد أحد من المسؤولين الميامين، دقيقة واحدة من وقته الثمين الذي خصصه لسرقة البلاد وتهجير أهلها والسيطرة على مقدراته، ليواسي عوائل الضحايا، سيقول البعض الجميع منشغلون بمعركة داحس والغبراء التي اندلعت في البرلمان، وربما يقول آخر، وهو محق، أن أكثرهم متسمّرون أمام السكايب ليلتقطوا صورا ” مخجلة ” أُسوة بالحاج عريبي الزاملي، خزندار محافظة واسط.
كنت أتوهم أنّ موت أطفال رضّع بسبب الفساد والإهمال، كفيل بتحريك قليل من مشاعر الألم والندم لدى مسؤولينا الأشاوس، غير أنّ كل ما اهتموا به هو الصراع بين وزيرة الصحة عديلة حمود ومحافظ بغداد علي التميمي على منصب مدير صحة الكرخ، ولهذا خرجت علينا وزارة الصحة ببيان بلا لون ولا طعم ولا رائحة ، وكأنّ الجريمة حدثت في بلاد الواق واق، فيما أصرّ السادة أعضاء مجلس محافظة بغداد عدم تشكيل لجنة تحقيقية،لأنّ الأعضاء منشغلون بهموم الوطن على طريقة ” عريبي الزاملي ”
الناس تدرك جيداً أنّ الجميع، من وزيرة الصحة إلى مجلس محافظة بغداد، إلى مدراء الدوائر الصحية، مروراً بكل أقسام الوزارة التي تحولت الى إقطاعيات، ضالعون ومتورطون ومتهمون بالجريمة البشعة التي حدثت في مستشفى اليرموك، وجرائم أخرى تحدث في معظم مستشفيات العراق، لكن لا أحد يسأل عنها، سوى أهل الضحايا الذين فقدوا بسبب الفساد والإهمال.
ولو أحصينا الحوادث والكوارث التي تعرض لها العراقيون خلال الثلاث عشر عاماً الماضية سنكون أمام ما هو أبشع من التهريج والعبث واللهو بأرواح البشر، ومع ذلك لم نسمع أنّ أحداً أقيل أو استقال أو طلب إعفاءه من منصبه، بدافع الإحساس بالذنب أو حتى من قبيل إغلاق أبواب وجع الدماغ، أو طلباً للراحة، راحة الضمير قبل راحة البدن.
أعلم أنه من قبيل التكرار الممل أن نذكر بأن وزراء في دول محترمة يقدمون على الانتحار إذا وقعت في دائرة اختصاصهم حوادث أقل من حادثة اليرموك بكثير، أو أن حكومات بكاملها ترحل في كوارث أصغر حجماً من ذلك، وأعرف أننا لسنا اليابان، ولا نفكّر أن نكون مثل ألمانيا يوماً ما، لكنني أعلم أيضا أنه لو كان للفساد عقل وإرادة  ، لاختارالعراق موطناً أبدياً له، بفضل ” سكايب ” عريبي الزاملي  وإخوانه .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...