ثلاثة رجال وزوجة… بقلم رابعة الختام

الكاتبة رابعة الختام

لويس جريس حين يتحدث عن سناء جميل أرى ملامح وعفوية طفل في الثمانين! أرى عاشقا تسعده ذكرى محبوبته كمراهق يتذكر أول خطاب غرامي، وأول كلمة على لسان محبوبته.
ليلة رائعة يحفها الوفاء لجيل سابق ترك بصمته على الصحافة المصرية والعربية تلك التي كانت احتفالية بيوم ميلاد الكاتب الصحافي الكبير لويس جريس في منزله بحي جاردن سيتي بحضور البعض من أصدقائه المقربين، المحاور مفيد فوزي، والإعلامي محمود سعد والكاتبة الصحافية نجلاء بدير زوجة محمود سعد، والصحافية نادية خليفة، وأنا، الجميل أن روح الفنانة الراحلة سناء جميل كانت تطل على السهرة بشكل لافت.
كانت حاضرة بشخصيتها الفنية الأخاذة كنموذج رائع لفنانة أخلصت لفنها وأعطته عمرها وعرقها وأمومتها، سألت زوجها لويس جريس عن دورها الرائع في فيلم “بداية ونهاية”، منتشيا بالسؤال، تقدم بنصفه العلوي متخذاً وضع الحكي “كانت غول تمثيل” وقال عنها عمر الشريف في هذا الدور “خفت منها أمام الكاميرا، فكم كانت قوية ومكسورة كفتاة باعت جسدها، صدقتها لدرجة صفعها صفعة أفقدتها حاسة السمع”. وحاضرة كزوجة محبة لم تبخل على حياتها الزوجية بشيء حتى أنها كانت تحيك ملابس زوجها بيديها، رغم نجوميتها كانت زوجة مخلصة مطيعة.

لويس جريس حين يتحدث عن سناء جميل أرى ملامح وعفوية طفل في الثمانين! أرى عاشقا تسعده ذكرى محبوبته كمراهق يتذكر أول خطاب غرامي، وأول كلمة على لسان محبوبته، بخبث شديد نحرك لسان لويس جريس أو مفيد فوزي نحو البوح بأسرار حقبة زمنية تعود إلى عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وحكايات عن الصحافة والفن وزمن العندليب الأسمر، وحياة صاخبة زاخرة بالأسماء العظيمة، قطب مفيد حاجبيه وهو يتذكر القرار النادر الذي صدر بفصله وحرمانه من راتبه في سابقة غير معهودة لمؤسسة الرئاسة التي كانت تصدر قرارات الفصل مع منح الراتب. قهقه المحاور الأشهر وهو يقول “كان محروقا مني لدرجة حرماني من راتبي”، وعادت البسمة تنير وجهه وهو يتحدث عن رفيقة الدرب زوجته آمال العمدة وذكريات حركت شهية الحضور للمزيد من الأسئلة في لقاء نادرا ما يحدث، وبين لويس ومفيد وزوجتين راحلتين عمر من الكفاح والطموح والنجاحات والانكسارات.

أما محمود سعد فكانت بصحبته زوجته نجلاء بدير التي كان يردد اسمها بتقدير ودفئ نادرين، حتى أنني داعبتها (أعشق مقولة نجلا مراتي) بصوت أستاذي محمود سعد فتكون تارة جملة استهلالية وتارة استنكارية وتارة لبداية حوار أوصت بضيفه، أزاحت نظارتها تمثل مشهدا لمسح بعض دموعها وضحكت.

هذا القدر من الحب والحنان نفتقده نحن جيل “السرعة” واللهث وراء الأشياء غير الثابتة في لعبة كراس متحركة يمارسها معنا الزمن دائما ليسرق أعمارنا ويسلبنا أعز وأغلى ما نملك “المشاعر”، نفتقد اللمسة الهادئة والنظرة العميقة والكلمات الحانية، نتوق إلى ساعة واحدة من ساعات اليوم الأربع والعشرين بمعية من نحب، نتبادل كلمات الغزل ومداعبة رقيقة تحفر ذكراها، أسعدني مشهد الزوجة الحاضر دائما سواء كان لزوجة غابت بالجسد ورحلت من دنيانا أو زوجة حاضرة بالجسد والروح والقلب والدعابة، ثلاثة رجال من جيلين مختلفين يمثلان “الأستاذ والتلميذ” والزوجة هي هي والحب واحد دون تغيير.
نقلا عن العرب

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...