نتيجةُ الهَذَر في وقت الحرب…!!! بقلم عدنان حسين

YYYYYY_YYYYYYYY_YYYYY_YYYYY_YYYYYY_YYYYY_YYYYYY_118328_large

نتيجةُ الهَذَر في وقت الحرب…!!! بقلم عدنان حسين
عدنان حسين

منذ سنة ونصف السنة تقريباً (22 كانون الثاني 2015) كتبتُ هنا عموداً بعنوان “مَنْ يوقف هذا الهذر؟”.. كنتُ أعلّق فيه على التصريحات المتلاحقة والمتضاربة لمسؤولين عسكريين ومدنيين بشأن مجريات الإعداد لشنّ الحرب على داعش لتحرير مدينتي تكريت والموصل. 

في ذلك العمود ذكّرتُ ببديهيّتين من بديهيّات الحرب، الأولى “أن يُمسك العسكريون ألسنتهم فلا يبوحوا بشيء يتعلق بخططهم واستعداداتهم”، والثانية أن يسعوا “لتضليل العدو بمعلومات كاذبة من أجل مفاجأته، فالمفاجأة عنصر مهمّ في الحرب وسائر العمليات العسكرية”، وأوضحتُ أنه بالضد من هذا “يمارس مسؤولونا العسكريون، ومعهم بعض المسؤولين المدنيين، إسهالاً كلامياً في الحديث عما فكّروا به وخطّطوا وأعدّوا له في الحرب الراهنة ضد داعش، بل لا يتردد الكثير منهم عن إعطاء معلومات عن ساعات الصفر للبدء بالعمليات لتحرير المناطق التي يحتلها داعش، إنْ في نينوى أو في صلاح الدين والأنبار”.
يومها كانت تلك التصريحات تؤكد أن عملية تحرير تكريت ستبدأ في غضون ساعات، وأن “مستوى التخطيط لمعركة الموصل وصل الى مراحل متقدمة جداً”، بحسب تصريح لوزير الدفاع الذي سبقه تصريح لأحد كبار قادة الحشد الشعبي قال فيه إنَّ تحرير الموصل “سيتحقق في غضون ثلاثة أشهر أو أربعة”!
في خاتمة العمود تساءلت متعجّباً:”عجباً، ألا يستطيع هؤلاء المسؤولون ضبط أنفسهم وحركة ألسنتهم لحين البدء فعلاً بعمليات تحرير تكريت والأنبار والموصل ليهذروا ما شاء لهم الهذر وسط تصفيقنا لهم؟”.
ويومها أيضاً اختار أحد الصحفيين ضعيفي الخبرة عديمي المهنيّة أن يتنطّع، متطوّعاً أو مأجوراً، ليشتمني في أحد مواقع التواصل الاجتماعي،لأنني دعوتُ إلى إيقاف ذلك الهذر، متسائلاً متى أتعلّم الصحافة، ولستُ أدري إنْ كان هو يعرف أو لا يعرف أنني درستُ الصحافة في الجامعة وبدأتُ عملي في هذه المهنة وهو كان لم يزل يتبوّل في ملابسه.
 ليس هذا مُهمّاً. المهمّ أنّ هذر بعض العسكريين، ومعهم بعض أنصاف الإعلاميين وأرباعهم، استمر حتى اليوم ما تسبب في الأيام الاخيرة في عرقلة عملية تحرير مدينة القيّارة جنوبي مدينة الموصل. وهذا ما كشفته وثيقة مسرّبة صادرة عن السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة، يفيد فيها بأنَّ “رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وجّه بفتح تحقيق حول التصريحات المتعلقة بعملية القيارة التي أفشت بعضاً من الخطط العسكرية التي يستفيد منها العدو”. وتُلفت المذكّرة إلى أنّ “التصريحات جاءت من قبل قادة عسكريين ومسؤولين”.
العديد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي قدّمت في الاسابيع الأخيرة شروحاً مُسهبة مُعزَّزة بالصور والخرائط، عن خطّ سير القوات باتجاه الشرقاط والقيارة، وعرضت إحدى هذه الصفحات، تحمل اسم “قيادة عمليات نينوى”، قبل أُسبوعين، صوراً ومعلومات عن وصول “جسور متنقلة” إلى مخمور بهدف عبور نهر دجلة تمهيداً لاستعادة القيارة.
من البديهي القول إنَّ من المفروض أنْ ينحصر أمر توفير المعلومات عن سير العمليات الحربية بجهة واحدة تابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة لتقدّم كلّ المعلومات اللازمة عن سير المعارك. لكنَّ هذه المعلومات، وبخاصة في ما يتعلّق بما هو متحقّق على الأرض، يجب أن تُذاع أوّلاً بأول من دون أيّ تأخير، وأن تكون صحيحة تماماً ودقيقة.. بخلاف هذا سيكون المجال مفتوحاً للمعلومات المضلّلة والهذر الضارّ.

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...