مَنْ حرَّرَ الفلّوجة ؟ بقلم علي حسين

قوات عراقية في الفلوجة

مَنْ حرَّرَ الفلّوجة ؟ بقلم علي حسين
علي حسين

كان أندريه مالرو يريد أن يحوّل الكتابة عن الحروب  إلى درس في الوطنية  ، وحين جال في بلاد الهند والصين وجزيرة العرب وكمبوديا وأقاصي المكسيك ، كان مع الإنسان ،الإنسان الذي يجب أن ننظر  إليه بغضّ النظر عن لونه وجنسه وطائفته ،  نظرة واحدة لا تتغير ولا تنقلب،  . يلاحظ أمالرو  في  روايته القدر البشري ،  أن المقاتلين وهم يحققون النصر ، يصرّون  على ألّا تتلطّخ نفوسهم بوحل الكراهية.  

ذات يوم يُقدّم له ديغول النصيحة الثمينة  : “كلّ الأسماء تتشابه، لكنَّ أفعال الناس هي مَن تميّزهم”.  بعد سنوات يكتب مالرو في رثاء ديغول : علمنا ان المبادئ لا تتغير، لا الظلم يُصبح عدلاً ، ولا الرحمة يمكن أنْ تكون مِنّة
بالأمس تذكّرتُ  الدروس التي تعلّمتها من قراءة كتب هذا الفرنسي الذي أصرّ بعد تحرير باريس  ، على أن يكون أول عمل تقوم به الحكومة أ، أعادة  بناء دار الأوبرا التي هدمتها قذائف النازيين ، وحين يحتجّ أعضاء الحكومة على هذا ” البطر ”  يقول لهم : ” علينا أن نشيع الطمأنينة في النفوس ، وأن تُدرك الناس أنَّ صفحة الحرب طويت إلى الأبد ”  ، ماذا نتعلّم من دروس التاريخ ، يبدو أننا نحتاج إلى الكثير وإلّا  ما كنا انشغلنا بسؤال عبثي مَنْ حرّر الفلوجة ؟ ، لأنَّ البعض يعتقد أنّ الدماء التي سالت  وامتزجت في ما بينها يجب ان نعيد تفرقتها وإحصاءها من جديد .
نقرأ على صفحة المستشار الإعلامي  للسيد نوري المالكي ،  هذا السؤال من حرّر الفلّوجة فيجيب ” سعادته ” :
العبادي حرّر الفلوجة ، الساعدي حرّر الفلوجة ، الصدر حرّر الفلوجة الكثير يدّعي تحرير الفلوجة ، لا ياسادة  من حرّر الفلوجة هو عبد الزهرة ! طبعا ليس من حقي أن أمنع  أي إنسان من أن يُبدي وجهة نظره لما جرى ويجري الآن في البلاد، ولكن ليس من حقّ أحد أن يحوّل العلاقة التاريخية بين ابناء الشعب إلى لعبة طائفية  ، وان يضع نفسه وصيّاً على أسماء الناس وطوائفهم ونوع العلاقة التي تربط بينهم ، فمثل هذه الأفعال لن تساعدنا  في شيء، ولن تُرجع الروح الى سنوات من أعمارنا ضاعت في ظلّ صراع طائفي على نهب البلاد وتخريبها.
اليوم معارك تحرير الفلوجة  وبعدها الموصل يجب ان تكون فرصة لنزع كل هذا الهراء الطائفي من أدمغة الناس، وعلينا أنْ نتعلم أنَّ أبناء هذا الشعب باسمائهم المختلفة وبألوانهم وبطوائفهم ومذاهبهم ، هم حلقات متصلة مترابطة، وهو أمر لو أدركناه لعلمنا أنّ كل ما نعانيه من أزمات خطيرة مثل الشحن الطائفي والخراب الذي يحاصرنا ، هو بسبب اختيارنا لنموذج السياسي الطائفي الذي يريد لنا ان نظلّ أسرى حماقاته .

شاهد أيضاً

جنرالات وأشقاء.. بقلم سمير عطا الله*

لم يتعلم الإنسان أنه في الإمكان الوصول إلى اتفاق من دون إشعال حرب في سبيل الوصول إلى السلام، يسخر هواة الدماء والجثث من غاندي ومانديلا. آلة الحرب تدرّ مالاً وأوسمة وجاهاً. ويذهب الملايين إلى النسيان، كما هي عادة البشر منذ الأزل...