
أكرر مرة أخرى ، إن أفدح خسائرنا من دخول المتظاهرين إلى قبة البرلمان ، ليست في ” القنفة ” التي اتسخت ، ولا في بعض نثار الزجاج الذي أزعج السيد حيدر العبادي ، ولا في جلوس بعض فقراء وبسطاء المحتجين على كرسي السيد سليم الجبوري ، خسارتنا أننا تأكدنا بلا أدنى شك ، أننا خسرنا 13 عاماً من عمرنا ، ونحن نذهب الى صناديق الاقتراع لانتخاب سياسيين ومسؤولين لايملكون ذرة إنسانية ولا نبل ، اليوم نحن في مواجهة ساسة انخفض لديهم مؤشر الوطنية وانعدم لديهم الشعوربالمسؤولية الاخلاقية ، فلم يبق للدماء حرمة وللحياة قدسية ، فصار الدم العراقي أرخص ثمنا ، من قبة برلمان كسيحٍ يمارس الدجل والخداع !
سياسيون يلعبون و يروجون لمفاهيم شديدة الفساد والأسى ، ، فيصبح اقتحام البرلمان عملا إرهابيا يستحق خطباً وبيانات واجتماعات للرئاسات الثلاث ، فيما مقتل المئات منذ أحداث البرلمان وحتى اليوم عملا عاديا لايستحق حتى اجتماع صغير ، يسأل فيه السادة ” المتنفذون ” لماذا حصلت هذه الخروق الامنية ؟
منذ حادث قنفة سليم الجبوري سقط مئات الشهداء: تفجير في السماوة راح ضحيته اكثر من مئة بين جريح وقتيل ، تفجير في النهروان يذبح 50 مواطنا مسكينا ، تفجير في السيدية ضحاياه 48 شخصا ، وهناك متفرقات 7 قتلى في غربي بغداد وعشرة في جنوب بغداد ، ومثلهم في شمال بغداد وأكثر منهم قليلا وسط بغداد ، والأُمم المتحدة تخبرنا بان ضحايا الانفلات الامني والمعركة على قنفات البرلمان وصل الى اكثر من 2000شخص خلال شهر نيسان الماضي فقط!
منذ أيام ونحن نسشهد قفزات بهلوانية من نواب وسياسيين ، وسمعنا وصلات من النواح الكاذب على عفة البرلمان التي انتهكت ، لكن لم نسمع صوتا واحدا يدافع عن صون حياة العراقيين.
عام 1968 قامت ثورة الطلاب في فرنسا ضد ديغول الذي صنع النصر لبلاده ، لكن صوت الشعب كان أقوى ، ليذهب في النهاية الرجل الذي أسس الجمهورية الفرنسية الحديثة ، الى معتزله في الجنوب يكتب مذكراته بفرنسا اكثر قوة واماناً ، وبسهولة أسقط البريطانيون بطل الحرب العالمية الثانية تشرشل ، فلا قدسية لأي مسؤول حتى وإن كان بحجم امرأة مثل تاتشر التي أنقذت بريطانيا من الإفلاس ،لاصوت يعلو في الديمقراطيات الحقيقية على صوت الشعب ، أما في ديمقراطية حاكم الزاملي فمن حق النا ئب أن يعتصم يوماً ، وفي يوم آخر يحرّض ضد المعتصمين ، وفي يوم ثالث يشتم إيران ،وفي يوم آخر يهدد بقطع لسان كل من يتحدث بالسوء عن طهران !